الطراز لأسرار البلاغة وعلوم حقائق الإعجاز،

يحيى بن حمزة (المؤيد بالله) (المتوفى: 749 هـ)

القسم الثاني من [التجنيس ويقال له الناقص]، والمشبه،

صفحة 188 - الجزء 2

  فهمت كتابك يا سيّدى ... فهمت ولا عجب أن أهيما

  ومن ذلك ما قاله أيضا:

  إذا ملك، لم يكن ذاهبه ... فدعه فدولته ذاهبه

  ومنه قول بعضهم فهمنا لما فهمنا، فاللفظتان متساويتان من جهة لفظهما وخطهما، وما أوردناه من هذه الأمثلة أمثلة المرفو، في المفروق، فإنما كان على جهة الذهول والنسيان والحقيقة أنها أمثلة المرفوّ.

الضرب الرابع [المذيّل]،

  بالذال المعجمة، وهو أن تجيء الكلمتان متجانستى اللفظ متفقتى الحركات والزنة، خلا أنه ربما وقع بينهما مخالفة، ثم تلك المخالفة على وجهين، الوجه الأول منهما أن تختص إحدى الكلمتين بحرف يخالف الأخرى من عجزها، ومثاله قولهم فلان سال من أحزانه، سالم من زمانه، حام لعرضه، حامل لغرضه، فآخر سال ياء، وآخر سالم ميم، مع اتفاقهما فيما عدا ذلك من الحروف والحركات، ومن ذلك ما قاله أبو تمام:

  يمدّون من أيد عواص عواصم ... تصول بأسياف قواض قواضب⁣(⁣١)

  فآخر عواص ياء، وآخر عواصم ميم، وآخر قواض ياء، وآخر قواضب الباء، ومن ذلك ما قاله البحتري⁣(⁣٢):

  لئن صدفت عنا فربّت أنفس ... صواد إلى تلك النفوس الصّوادف

  فآخر صواد هي الياء، وعجز صوادف الفاء، مع اتفاقهما فيما عدا ذلك، الوجه الثاني أن تختلف الكلمتان من أولهما، ومثاله قوله تعالى: {وَالْتَفَّتِ السَّاقُ بِالسَّاقِ ٢٩ إِلى رَبِّكَ يَوْمَئِذٍ الْمَساقُ ٣٠}⁣[القيامة: ٢٩ - ٣٠] فلم يختلف الساق والمساق إلا بزيادة الميم في المساق، ومن ذلك ما وقع في الحريريات قوله: يسخو بموجوده، ويسمو عند جوده، فلم يختلفا في نظم ولا زنة إلا بزيادة الميم في موجوده، والواو أيضا، وقوله أيضا نظما:

  لم يبق صاف ولا مصاف ... ولا معين، ولا معين


(١) المصباح ص ١٨٧، الإيضاح ص ٣٣٥، والديوان ١/ ٢٠٦.

(٢) الإيضاح ص ٣٣٥.