القسم الثاني من [التجنيس ويقال له الناقص]، والمشبه،
  فكل واحد من هذين المصراعين على تمامه وحياله لا علقة بينهما مع حصول الفاصلة وهي الهمزة كما ترى.
  الدرجة الثانية أن يكون المصراع الأول منقطعا عن الثاني مستقلا بنفسه غير محتاج إلى الثاني،
  لكن الثاني مرتبط بالأول لعلاقة بينهما، ومثاله قول امرئ القيس(١):
  قفا نبك من ذكرى حبيب ومنزل ... بسقط اللّوى بين الدّخول فحومل
  فالأول منقطع عن الثاني، أما الثاني فمتصل بالأول لأجل حرف الجر فاتصاله بما قبله ظاهر كما ترى، وكقول أبى الطيب المتنبي(٢):
  الرأي قبل شجاعة الشّجعان ... هو أوّل وهي المحلّ الثاني
  فالأول منقطع، فأما الثاني فهو متصل لأجل الضمير فإنه متصل بما قبله.
  الدرجة الثالثة [التصريع الموجه]
  أن يكون الشاعر مخيرا في تقديم أحد المصراعين على الآخر أيهما شاء، وما هذا حاله يقال له التصريع الموجه ومثاله قول بعضهم:
  من شروط الصّبوح في المهرجان ... خفة الشّرب مع خلوّ المكان
  فإن شئت جعلت الصدر عجزا والعجز صدرا وما هذا حاله فهو من الجودة بمكان رفيع، ولا يكاد يوجد إلا في مقاصد الشعراء المفلقين.
  الدرجة الرابعة [التصريع الناقص]
  أن يكون المصراع الأول من البيت غير مستقل بنفسه ولا يفهم معناه إلا بوجود الثاني، ويقال له التصريع الناقص، وما هذا حاله فليس مرضيا ولا معدودا في الحسن، لكون المصراع الأول مضمنا معناه في وجود الثاني، ومثاله قول أبى الطيب المتنبي(٣):
  معاني الشعر طيبا في المغانى ... بمنزلة الربيع من الزّمان
  فالشطر الأول لا يستقل بنفسه دون أن يذكر الثاني.
(١) الإيضاح ص ٣٦٩.
(٢) الديوان ج ٢ ص ١٧١.
(٣) الديوان ج ٢ ص ٣٠٨.