الطراز لأسرار البلاغة وعلوم حقائق الإعجاز،

يحيى بن حمزة (المؤيد بالله) (المتوفى: 749 هـ)

الباب الرابع من فن المقاصد في ذكر أنواع علم البديع وبيان أقسامه

صفحة 21 - الجزء 3

  الدرجة الخامسة [التصريع المكرر]

  أن يقع التصريع في البيت بلفظة واحدة وسطا وقافية، ويقال لما هذا حاله التصريع المكرر، ثم هو في وقوعه فيما ذكرناه على وجهين، الوجه الأول منهما أن يكون التصريع بلفظة مجازية يختلف معناها، وهذا كقول أبى تمام⁣(⁣١):

  فتى كان سربا للعفاة ومربعا ... فأصبح للهندية البيض مربعا

  فقد وقعت التقفية والتصريع بلفظة المربع، وهي مجازية كما هو ظاهر من معناها، الوجه الثاني أن يكون بلفظة واردة على جهة الحقيقة لا مجاز فيها ومثاله قول عبيد بن الأبرص⁣(⁣٢):

  فكلّ ذي غيبة يئوب ... وغائب الموت لا يئوب

  الدرجة السادسة [التصريع المعلق]

  أن يذكر المصراع الأول ويكون معلقا على صفة يأتي ذكرها في أول المصراع الثاني، ويسمى التصريع المعلق ومثاله قول امرئ القيس⁣(⁣٣):

  ألا أيّها الليل الطويل ألا انجلى ... بصبح وما الإصباح منك بأمثل

  فإن المصراع الأول المعلق على قوله بصبح وهذا معيب عند أهل العلم بالصناعة الشعرية.

  الدرجة السابعة [التصريع المشطور]

  أن يكون التصريع في البيت مخالفا للقافية منه، ويسمى التصريع المشطور، وهو من أدنى درجات التصريع وأقبحها، لما تضمنه من اختلاف القافية ومثاله قول أبى نواس⁣(⁣٤):

  أقلبي قد ندمت على الذنوب ... وبالإقرار عذت من الجحود

  فصرع بحرف الباء في وسط البيت ثم قفاه بحرف الدال، وهذا لا يكاد يستعمل إلا على الندرة والقلة، وإنما لقب بالمشطور لأن كل واحد من المصراع الأول والثاني على شطر يمكن أن يضم إليه ما يلائمه في قافية فيكون جاريا على المماثلة من غير اختلاف، فلهذا قيل له مشطور أخذا مما ذكرناه والله أعلم بالصواب.


(١) ديوان أبى تمام ص ٣٦٢ ورواية البيت هكذا:

فتى كان شريا للعفاة ومرتعى ... فأصبح للنهدية البيض مرتعا

(٢) ديوان عبيد بن الأبرص ص ١٣.

(٣) الإيضاح ص ١٤٦.

(٤) ديوان أبى نواس ص ١٠٤.