الطراز لأسرار البلاغة وعلوم حقائق الإعجاز،

يحيى بن حمزة (المؤيد بالله) (المتوفى: 749 هـ)

القسم الثاني من [التجنيس ويقال له الناقص]، والمشبه،

صفحة 108 - الجزء 3

  النوع الأول منها النسخ

  واشتقاقه من قولهم نسخت الكتاب إذا نقلت ما فيه إلى غيره، وذلك لأن أحد الشاعرين يأخذ معنى صاحبه وينقله إلى تأليف آخر، ثم النسخ يكون على وجهين، الوجه الأول منهما أن يأخذ لفظ الأول ومعناه، ولا يخالفه إلا بروىّ القصيدة، ومثاله قول امرئ القيس:

  وقوفا بها صحبى علىّ مطيّهم ... يقولون لا تهلك أسى وتحمّل⁣(⁣١)

  أخذه طرفة بن العبد واسترقه وأجراه على منواله الأول فقال:

  وقوفا بها صحبى علىّ مطيّهم ... يقولون لا تهلك أسى وتجلّد⁣(⁣٢)

  فانظر إلى هذه الموافقة في الألفاظ والمعاني من غير مخالفة هناك إلا فيما ذكراه من حرف الروى، فالأولى لامية، والأخرى دالية، وكما قال الفرزدق في مهاجاته لجرير:

  أتعدل أحسابا لئاما حماتها ... بأحسابنا إني إلى الله راجع⁣(⁣٣)

  فأجابه جرير واسترق ما ذكره بأحسن ما يكون وأعجبه قال:

  أتعدل أحسابا كراما حماتها ... بأحسابكم إني إلى الله راجع⁣(⁣٤)

  الوجه الثاني: وهو الذي يؤخذ فيه المعنى وأكثر اللفظ مثاله ما قال بعضهم يمدح معبدا صاحب الغناء، ويذكر فضله على غيره ممن تولع بالغناء:

  أجاد طويس والسّريجيّ بعده ... وما قصبات السّبق إلّا لمعبد⁣(⁣٥)

  ثم قيل بعد ذلك:

  محاسن أوصاف المغنّين جمة ... وما قصبات السّبق إلّا لمعبد⁣(⁣٦)

  فأورد المعنى بعينه مع أكثر اللفظ الأول، فهذا وأمثاله يورد في أمثلة النسخ.

  النوع الثاني السلخ

  وهو أخذ بعض المعنى، ولا تعويل فيه على إيراد اللفظ واشتقاقه من سلخ أديم الشاة، وهو أخذ بعض جسم المسلوخ، ويرد على أوجه كثيرة وأنحاء متعددة، ولكنا نقتصر على


(١) الإيضاح ص ٣٥٠.

(٢) الإيضاح ص ٣٥٠.

(٣) انظر ديوان الفرزدق ١/ ٤٢٠.

(٤) انظر ديوان جرير ص ٢٧٩.

(٥) انظر الإيضاح ص ٣٤٩.

(٦) انظر الإيضاح ص ٣٥٠.