الفصل الأول في بيان فصاحة القرآن
  امتحنت قوته بجذب قوسين، فقال إنما كان هذا من أجل الاعتياد والرياضة، والغرض أنه ألفه وراض نفسه بترك الطعام قليلا قليلا حتى صار إلى هذه الغاية، والرياضة تقضى بأكثر من هذا المقدار.
  الجهة الثامنة عشرة في الطعن على القرآن بعدم الثمرة فيه،
  وحاصل ما قالوه هو أن الله تعالى إنما أنزل القرآن منة عظيمة على الخلق، وتعريفا لهم بما كلفهم من التكاليف الشرعية، وعلمهم فيه من الحلال والحرام، والأمر والنهى، وغير ذلك من سائر التكاليف، وهذا غير حاصل من جهة العباد، وبيانه هو أن القدرة غير صالحة للضدين، وإذا كان الأمر كذلك كان الفعل واجبا، فلا يتناوله التكليف بحال أصلا، ثم إن سلمنا أنها صالحة للضدين، فلا بد من تحصيل الداعية لاستحالة حصول الفعل من غير داع، ثم إذا حصلت الداعية، فإما أن يجب الفعل أولا يجب، فإن لم يجب، احتاج إلى مرجح آخر، فيتسلسل إلى ما لا غاية له، وهو محال، وإما أن يجب الفعل عند حصول الداعية، وعند هذا يجب الفعل، ويبطل التكليف، وعلى كلا الوجهين يكون الفعل واجبا، فلا يتناوله التكليف، بل تكون الأفعال كلها من جهة الله تعالى، ولا يتعلق فعل بالعبد، وفي ذلك بطلان التكليف وطي بساطه، وفي هذا بطلان ثمرة القرآن وإبطال الغرض الذي أنزل من أجله.
  والجواب عما أوردوه من هذه الشبهة هو مبنى على قاعدة الجبر، وفيه بطلان الأمر والنهى، والوعد والوعيد، وإرسال الرسل، وبطلان المدح والذم، وما هذا حاله فبطلانه معلوم بالضرورة.
  قوله القدرة غير صالحة للضدين، قلنا: إذا كانت غير صالحة فإنها موجبة لمقدورها، وفيه وقوع المحذور الذي ذكرناه من بطلان الشرائع والأمر والنهى، وإبطال إرسال الرسل إلى غير ذلك، من الشناعات، فيجب القضاء ببطلانه.
  قوله إن سلمنا كونها صالحة للضدين فلا بد من الداعية وهي أيضا موجبة للفعل، قلنا:
  هذا فاسد أيضا، فإن الداعي غير موجب للفعل أصلا بالإضافة إلى القدرة، وإنما هو موجب للفعل بالإضافة إلى الداعي، ومثل هذا لا يبطل الاختيار، وكل هذا يليق استقصاؤه بالمباحث الكلامية، والقواعد الدينية، فإنه من أهم مقاصدها، وأعلى مراتبها، فإذا تقرر ذلك من ثبوت الاختيار للعبد، بطل ما قالوه من أن القرآن لا ثمرة له.
  الجهة التاسعة عشرة من المطاعن على القرآن من جهة كتبه في المصاحف؛
  قالوا: روى