[مسألة]
  ولطريقة العلماء. وقد اختلفوا في أولي الأمر منكم فمنهم من قال الامراء ومنهم من قال العلماء وقوله من بعد {فَإِنْ تَنازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ} يدل على أنهم الفاعلون لهذا الرد عند التنازع والا كان قوله {إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ} لا يفيد إذا الفائدة في ذلك ان إيمانكم باللّه يقتضي امتثال أمره بهذا الرد وصف تعالى بعد ذلك المنافقين بأنهم يزعمون أنهم آمنوا باللّه والرسول ويريدون مع ذلك {أَنْ يَتَحاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ} والمراد بذلك شيطان الانس أو الجن على ما تقدم ذكره ولذلك قال بعده {وَيُرِيدُ الشَّيْطانُ أَنْ يُضِلَّهُمْ ضَلالًا بَعِيداً}.
[مسألة]
  وربما قيل في قوله تعالى {وَلَوْ أَنَّا كَتَبْنا عَلَيْهِمْ أَنِ اقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ أَوِ اخْرُجُوا مِنْ دِيارِكُمْ ما فَعَلُوهُ إِلَّا قَلِيلٌ مِنْهُمْ} كيف يصح ان يكلفهم قتل أنفسهم مع أن الانسان ملجأ إلى أن لا يقتل نفسه. وجوابنا ان المراد قتل بعضهم لبعض كقوله تعالى {فَسَلِّمُوا عَلى أَنْفُسِكُمْ} وعلى هذا الوجه تأوله المفسرون ويحتمل ان يكون المراد التعرض لأسباب الهلكة وقد يقال لمن يفعل ذلك أنه قتل نفسه ولذلك قال بعده {وَلَوْ أَنَّهُمْ فَعَلُوا ما يُوعَظُونَ بِهِ لَكانَ خَيْراً لَهُمْ} فنبه بذلك على أن الايمان منهم مما يصح ويصح خلافه وذلك يدل على أن ذلك فعلهم لأنه لا يقال لمن لا يصح منه الا القيام فقط لو فعل القعود لكان خيرا له وبيّن من بعد حال المطيع بما يرغب نهاية الترغيب في الطاعة فقال {وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَداءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولئِكَ رَفِيقاً ذلِكَ الْفَضْلُ مِنَ اللَّهِ وَكَفى بِاللَّهِ عَلِيماً} ثمّ رغب تعالى في الجهاد فقال {يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا خُذُوا حِذْرَكُمْ فَانْفِرُوا ثُباتٍ أَوِ انْفِرُوا جَمِيعاً} ووصف