تنزيه القرآن عن المطاعن،

القاضي عبدالجبار الهمذاني (المتوفى: 415 هـ)

[مسألة]

صفحة 283 - الجزء 1

سورة النور

[مسألة]

  وربما قيل في قوله تعالى {سُورَةٌ أَنْزَلْناها} كيف يصح انزال السورة وذلك يستحيل فيها؟ وجوابنا عن ذلك وعن سائر ما في القرآن نحو قوله {إِنَّا أَنْزَلْناهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ} وقوله {إِنَّا أَنْزَلْناهُ فِي لَيْلَةٍ مُبارَكَةٍ} إلى غير ذلك هو أن المراد به إنزال السورة بانزال من يحملها وعلى هذا الوجه نصف القرآن بأن اللّه أنزله وهذا كما يقال أنزلنا الماء ويراد بذلك الظرف ونزحنا الماء من البئر إلى غير ذلك وكما يقال إن فلانا أظهر علمه والمراد أودعه الكتب فمن هذا الوجه يستدل بهذه الآيات على حدوث القرآن لأن ما هو قديم لا يجوز فيه انزاله بنفسه ولا بغيره وفي قوله تعالى {وَأَنْزَلْنا فِيها آياتٍ بَيِّناتٍ} والآيات هي الأدلة دلالة أيضا على حدوثه وفي قوله {لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ} دلالة على أن اللّه تعالى أراد من جميعهم التذكر.

[مسألة]

  وربما قيل في قوله تعالى {الزَّانِي لا يَنْكِحُ إِلَّا زانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً} كيف يصح هذا الخبر ونحن نعلم أن الزاني قد يطأ وقد يعقد على غير الزانية؟ وجوابنا أنه وان كان في صورة الخبر فالمراد به الأمر.

  واختلف العلماء في ذلك فمنهم من قال هو منسوخ ومنهم من قال بل هو ثابت وأن المراد أن الزاني لا يحل له التزويج بالعفيفة حتى أنهم يقولون إذا حدث الزنا منه بطل النكاح ومع ذلك فان ظاهره انما يقتضى أنه في حال زناه لا