[مسألة]
سورة لقمان
[مسألة]
  وربما قيل في قوله تعالى {خَلَقَ السَّماواتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَها} كيف يصح مع ثقلها وعظمها أن تقف لا على عمد؟ وجوابنا أنه تعالى إذ اسكنها حالا بعد حال وقفت وان كانت ثقيلة كما أن أحدنا يمسك يده وقد بسطها فمن حيث يفعل فيها السكون حالا بعد حال تثبت ولذلك متى لم يسكنها سقطت لانّ أحدنا يغفل ويلهو واللّه سبحانه يتعالى عن ذلك واختلف المفسرون في ذلك فقال بعضهم الفائدة فيه نفي نفس العمد أصلا على ما ذكرنا وقال بعضهم الفائدة فيه انا لا نرى العمد والأول هو أقوى وهو داخل في الأعجوبة وقوله تعالى من قبل {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ} يدل على أن المضل هو الانسان وأنه مذموم ويدل على أن كل قول قيل بلا علم في الأديان فهو مذموم وقوله تعالى المتصلة من بعد {وَإِنْ جاهَداكَ عَلى أَنْ تُشْرِكَ بِي ما لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلا تُطِعْهُما وَصاحِبْهُما فِي الدُّنْيا مَعْرُوفاً} يدل على أن العشرة بأحوال الدنيا قد تحسن مع المباينة في الدين ثمّ بين أن من أناب إلى اللّه يجب أن يتبع فقال {وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنابَ} إلى قوله تعالى من بعد حاكيا عن لقمان {يا بُنَيَّ إِنَّها إِنْ تَكُ مِثْقالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ} القصد فيه أن يتأمله المرء فيعمل به فان هذه الوصية جامعة للانقطاع إلى اللّه تعالى بعد المعرفة بعلمه وقدرته لان قوله تعالى {إِنْ تَكُ مِثْقالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ فَتَكُنْ فِي صَخْرَةٍ أَوْ فِي السَّماواتِ أَوْ فِي الْأَرْضِ يَأْتِ بِهَا اللَّهُ