تنزيه القرآن عن المطاعن،

القاضي عبدالجبار الهمذاني (المتوفى: 415 هـ)

[مسألة]

صفحة 289 - الجزء 1

سورة الفرقان

[مسألة]

  وربما قيل في قوله تعالى {وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيراً} أو ما يدل ذلك على أنه الخالق لأفعال العباد؟ وجوابنا أن المراد به الأجسام التي ننتفع بها لأنه تعالى ذكر ذلك عقيب قوله {لَهُ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَلَمْ يَتَّخِذْ وَلَداً وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ} وقد بينا من قبل أن اللّه لا يجوز أن يمتدح بفعل القبائح فالمراد ما ذكرنا وقوله تعالى {الَّذِي أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ} يدل على أن مراده بهذه الآيات ما يكون حسنا وحكمة فاللّه تعالى استفتح هذه السورة بما يدل على قولنا وهو قوله تعالى {الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقانَ عَلى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعالَمِينَ نَذِيراً} فبين أنه أنزله لينذر ويخوف كل واحد من العالمين، والتخويف انما يراد منه الانصراف عن الكفر والمعاصي فكيف يصح أن يبعثه ليصرفهم عما هو الخالق له فيهم ولا يمكنهم وهو الخالق فيهم الانصراف عن ذلك ولو اجتهدوا كل الاجتهاد وقوله تعالى من بعد {انْظُرْ كَيْفَ ضَرَبُوا لَكَ الْأَمْثالَ فَضَلُّوا فَلا يَسْتَطِيعُونَ سَبِيلًا} أراد تعالى أنهم لا يستطيعون السبيل إلى القدح في نبوّته فلا يصح للمخالفين أن يسألوا عن ذلك في أن القدرة مع الفعل.

[مسألة]

  وربما قيل في قوله تعالى {إِذا رَأَتْهُمْ مِنْ مَكانٍ بَعِيدٍ} تنزيه القرآن (١٩)