تنزيه القرآن عن المطاعن،

القاضي عبدالجبار الهمذاني (المتوفى: 415 هـ)

[مسألة]

صفحة 153 - الجزء 1

  فيزيده هدى لأنه ينتفع بذلك دون من لم يهتد وان كان الكل سواء في إقامة الحجة.

[مسألة]

  وربما قيل في قوله تعالى {مَنْ يَهْدِ اللَّهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِي وَمَنْ يُضْلِلْ فَأُولئِكَ هُمُ الْخاسِرُونَ} أليس ذلك يدل على أنه يخلق الهدى والضلال. وجوابنا ان المراد ومن يهد اللّه إلى الجنة والثواب فهو المهتدي في الدنيا ومن يضلل عن الثواب إلى العقاب {فَأُولئِكَ هُمُ الْخاسِرُونَ} في الدنيا وسبيل ذلك ان يكون بعثا من اللّه تعالى على الطاعة وكذلك قوله تعالى {مَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَلا هادِيَ لَهُ} المراد من يضلله عن الثواب في الآخرة ولا هادي له اليه ومعنى قوله {وَيَذَرُهُمْ فِي طُغْيانِهِمْ يَعْمَهُونَ} انا نخلي بينهم وبين ذلك وان كنا قد أزحنا العلة وسهلنا السبيل إلى الطاعة.

[مسألة]

  وربما قيل في قوله تعالى {وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلى أَنْفُسِهِمْ أَ لَسْتُ بِرَبِّكُمْ قالُوا بَلى} وفي الخبر ان جميع بني آدم أخذ عليهم المواثيق من ظهر آدم كيف يصح ذلك. وجوابنا أن القوم مخطئون في الرواية فمن المحال أن يأخذ عليهم المواثيق وهم كالذر لا حياة لهم ولا عقل. فالمراد انه أخذ الميثاق من العقلاء بأن أودع في عقلهم ما ألزمهم إذ فائدة الميثاق أن يكون منبها وان يذكر المرء بالدنيا والآخرة وذلك لا يصح الا في العقلاء وظاهر الآية بخلاف قولهم لأنه تعالى أخذ من ظهور بني آدم لا من آدم، والمراد أنه أخرج من ظهورهم ذرية أكمل عقولهم فأخذ الميثاق عليهم وأشهدهم على أنفسهم بما أودعه عقلهم.

[مسألة]

  وربما قيل في قوله تعالى {وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِي آتَيْناهُ آياتِنا فَانْسَلَخَ مِنْها} كيف يصح فيمن يؤتيه اللّه تعالى