تنزيه القرآن عن المطاعن،

القاضي عبدالجبار الهمذاني (المتوفى: 415 هـ)

[مسألة]

صفحة 472 - الجزء 1

سورة البينة

[مسألة]

  وربما قيل في قوله تعالى {وَما أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفاءَ وَيُقِيمُوا} ما الفائدة في قوله تعالى {حُنَفاءَ} وإذا عبدوا اللّه وأخلصوا كفى ذلك؟ وجوابنا ان المراد مستقيمي الطريقة لأنهم أمروا بأن يعبدوا اللّه مخلصين له الدين على هذا الوجه وقد قيل في الاخلاص أن المراد به تخليص الطاعات من الكبائر فيشهد لما ذكرناه ويجوز أن يراد به وما أمروا إلا بذلك على هذا الوجه السهل كما قال بعثت بالحنيفيّة السّمحاء وهذه الآية دالة على أن كل عبادة من الدين وعلى أن ما يعبد اللّه به يجب أن يفعل على هذا الوجه وفعله على هذا الوجه دون غيره لا يتم إلا والعبد متمكّن من فعله على غير هذا الوجه وقوله تعالى {وَيُقِيمُوا الصَّلاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكاةَ وَذلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ} يدل أيضا على ما ذكرنا.

[مسألة]

  وربما قيل في قوله تعالى {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ وَالْمُشْرِكِينَ فِي نارِ جَهَنَّمَ} أليس يدل ذلك على أن في الكفار من ليس بمشرك وكذلك قوله تعالى في أول السورة يدل على ذلك؟

  وجوابنا انه في أصل اللغة المشرك هو الكافر المخصوص الذي يتخذ مع اللّه شريكا لكن من جهة عرف الشرع أطلق ذلك على كل كافر كما عقل من قوله تعالى {إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ ما دُونَ ذلِكَ