تنزيه القرآن عن المطاعن،

القاضي عبدالجبار الهمذاني (المتوفى: 415 هـ)

[مسألة]

صفحة 258 - الجزء 1

  ثُمَّ لَنَنْسِفَنَّهُ فِي الْيَمِّ نَسْفاً إِنَّما إِلهُكُمُ اللَّهُ الَّذِي لا إِلهَ إِلَّا هُوَ}.

[مسألة]

  وربما قيل في قوله تعالى {يَتَخافَتُونَ بَيْنَهُمْ إِنْ لَبِثْتُمْ إِلَّا عَشْراً} كيف يصحّ أن يخفى عليهم ذلك مع كثرتهم لأنه تعالى قال {يَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ وَنَحْشُرُ الْمُجْرِمِينَ يَوْمَئِذٍ زُرْقاً} وجوابنا أن المراد لبثهم بعد الممات فان ذلك يخفى ولا يعلم ولم يتفقوا على ذلك كما قال تعالى {إِذْ يَقُولُ أَمْثَلُهُمْ طَرِيقَةً إِنْ لَبِثْتُمْ إِلَّا يَوْماً}.

[مسألة]

  وربما قيل في قوله تعالى {وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكاً وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ أَعْمى} كيف يصحّ هذا الوصف وقد ثبت أنهم في الآخرة يبصرون كما قال تعالى {وَرَأَى الْمُجْرِمُونَ النَّارَ} وكيف يصح أن تكون معيشتهم ضنكا وفيهم من ليس هذا وصفه؟ وجوابنا أنه تعالى يحشرهم عميا ثمّ يبصرون لأن أحوال الآخرة مختلفة وقد قيل مشبها بالأعمى لما ينزل به من الحيرة ومتى قيل كيف يصح ذلك مع قوله تعالى من قبل {وَنَحْشُرُ الْمُجْرِمِينَ يَوْمَئِذٍ زُرْقاً} وهذا صفة للبصر. فجوابنا أن المراد نحشرهم زرقا عميا ثمّ يبصرون. وقد قيل شبه الأعمى بالأزرق لذهاب السواد عن البصر وقوله من بعد {وَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحاتِ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلا يَخافُ ظُلْماً وَلا هَضْماً} يدل على أنهم مع معرفتهم بالآخرة فإنهم آمنون.