تنزيه القرآن عن المطاعن،

القاضي عبدالجبار الهمذاني (المتوفى: 415 هـ)

[مسألة]

صفحة 213 - الجزء 1

سورة الحجر

[مسألة]

  وربما قيل في قوله تعالى {رُبَما يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ كانُوا مُسْلِمِينَ} كيف يجوز ذلك ولا شك في أنهم يتمنون في الآخرة ذلك فما فائدة {رُبَما}. وجوابنا ان ذلك من باب الردع وربما يكون أقوى فأحدنا يقبل على ولده وقد عدا عن التعلم فيقول ربما تندم على ما أنت عليه فيكون في الزجر أبلغ ولأن الكافر قد يسلم ويتوب فلا يقطع منه على ذلك ومعنى قوله بعد {ذَرْهُمْ يَأْكُلُوا وَيَتَمَتَّعُوا وَيُلْهِهِمُ الْأَمَلُ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ} تبين صحة ما قلناه لأن ذلك وان كان بصورة الامر فهو تهديد وزجر عظيم.

[مسألة]

  وربما قيل ما فائدة قوله تعالى {وَما أَهْلَكْنا مِنْ قَرْيَةٍ إِلَّا وَلَها كِتابٌ مَعْلُومٌ} وكل شيء يفعله فهو في معلومه ويثبت في أم الكتاب فأي فائدة في هذا التخصيص. وجوابنا ان القوم كانوا يستعجلون العذاب من الأنبياء إذا توعدوهم فبين تعالى ان ذلك مؤقت بوقت لا يقدم ولا يؤخر.

[مسألة]

  وربما قيل في قوله تعالى {وَقالُوا يا أَيُّهَا الَّذِي نُزِّلَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ إِنَّكَ لَمَجْنُونٌ} كيف يصح ذلك مع جحدهم لنبوّته وانكارهم ان اللّه تعالى أنزل ذلك عليه. وجوابنا انهم قالوا على وجه ان ذلك صفته عند نفسه لأنه كان يدعى ذلك وهذا كرجل يدعى انه صانع فينادي بما يدعيه وان كان المنادى لا يعترف له به وبين ذلك ما ذكروه من بعد