تنزيه القرآن عن المطاعن،

القاضي عبدالجبار الهمذاني (المتوفى: 415 هـ)

[مسألة]

صفحة 373 - الجزء 1

سورة الشورى

[مسألة]

  وربما قيل في قوله تعالى {وَيَسْتَغْفِرُونَ لِمَنْ فِي الْأَرْضِ} كيف يصح ذلك مع قوله تعالى {وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُوا}؟ وجوابنا ان المراد ويستغفرون لأهل الأرض الذين هم المؤمنون لا لأهل السماء لأن أهل الأرض هم المحتاجون إلى الاستغفار ويحتمل أن يكون المراد ويستغفرون لأهل الأرض لإزالة عذاب الاستئصال عنهم والأول أقوى لأن إحدى الآيتين يجب أن تبنى على الأخرى كما يبنى المجمل على المفسر.

[مسألة]

  وربما قيل في قوله تعالى {لِتُنْذِرَ أُمَّ الْقُرى وَمَنْ حَوْلَها وَتُنْذِرَ يَوْمَ الْجَمْعِ لا رَيْبَ فِيهِ} وهو يوم القيامة كيف يصح ان ينذر يوم القيامة والتكليف منقطع؟ وجوابنا ان المراد ينذرهم ما يلقون يوم الجمع وهم يخافون فحال الانذار هو حال التكليف ولذلك قال تعالى {لا رَيْبَ فِيهِ فَرِيقٌ فِي الْجَنَّةِ وَفَرِيقٌ فِي السَّعِيرِ} فبين وجه التخويف في ذلك وقوله تعالى {وَلَوْ شاءَ اللَّهُ لَجَعَلَهُمْ أُمَّةً واحِدَةً} المراد ان يلجئهم إلى الايمان لكنه لم يشأ الا على وجه الاختيار تعريضا للمثوبة وقوله تعالى من بعد {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ} ربما قالوا فيه أن ظاهره يتناقض لأنه يقتضى ان لمثله مثلا ولو كان كذلك لما صح النفي لأنه يقتضى الاثبات. وجوابنا ان ذلك وإن كان مجازا فهو مؤكد للحقيقة على ما جرت به عادة العرب وهو أوكد من قول القائل ليس مثله شيء وقوله تعالى من بعد {شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ ما وَصَّى بِهِ نُوحاً وَالَّذِي أَوْحَيْنا