تنزيه القرآن عن المطاعن،

القاضي عبدالجبار الهمذاني (المتوفى: 415 هـ)

[مسألة]

صفحة 307 - الجزء 1

سورة القصص

[مسألة]

  وربما قيل في قوله تعالى {وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً} أليس جعل اللّه تعالى لهم أئمة يدل على أنه خلقهم كذلك فإذا كانوا أئمة بأفعال فيجب أن تكون تلك الأفعال خلقا للّه؟ وجوابنا أنهم إنما يكونون أئمة بالعقل والخوف والتمكن وبالألطاف من قبل اللّه تعالى وكل ذلك من خلقه وهو الذي أراد تعالى وكل ذلك من خلقه وهو الذي أراد تعالى وقيل إن المراد حكمنا بذلك كقوله تعالى {وَجَعَلْناهُمْ أَئِمَّةً يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ} فالمراد عند الجميع قضينا وحكمنا وبيّن ذلك قوله تعالى {وَنَجْعَلَهُمُ الْوارِثِينَ} فأراد بذلك نحو ما ذكرنا لأن التركة لا تكون باختيار الوارث وكذلك قال {وَنُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ} وإذا كان موسى وقومه إنما تم لهم ما تم بما أنزل اللّه تعالى بفرعون وبما خصه به من المعجزات وكل ذلك من فعله صحّ أن يقول وجعلناهم أئمّة وليس المراد خلق فيهم صلاتهم وعبادتهم.

[مسألة]

  وربما قيل في قوله تعالى {وَأَوْحَيْنا إِلى أُمِّ مُوسى أَنْ أَرْضِعِيهِ فَإِذا خِفْتِ عَلَيْهِ فَأَلْقِيهِ فِي الْيَمِّ وَلا تَخافِي وَلا تَحْزَنِي إِنَّا رَادُّوهُ إِلَيْكِ وَجاعِلُوهُ مِنَ الْمُرْسَلِينَ} كيف يصح أن يوحى إليها وقد بيّن في غير آية أنه ما أرسل إلا رجالا وكيف يصح وهي لم تكن نبية فيوحى إليها بما لا يعلم إلا من قبله تعالى؟ وجوابنا أنه