تنزيه القرآن عن المطاعن،

القاضي عبدالجبار الهمذاني (المتوفى: 415 هـ)

[مسألة]

صفحة 97 - الجزء 1

  يضاعف ثوابها وبيّن أنه يؤتى المرء الاجر العظيم على ما ينزل به من الشدائد ودل بقوله إنه لا يظلم مثقال ذرة على بطلان قول هؤلاء القدرية الذين يقولون لا ظلم الا من قبل اللّه وبخلقه وإرادته. تعالى اللّه عن قولهم علوا كبيرا ثمّ بيّن تعالى أنه يكون شاهدا على أمته بما يقع منهم من خير وشر فحذر بذلك من المعاصي وأن المرء إذا علم أن الرسول مع عظم محله يشهد عليه كان أبعد من المعصية وبين أن شهادته تكون يوم القيامة وان {يَوْمَئِذٍ يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَعَصَوُا الرَّسُولَ لَوْ تُسَوَّى بِهِمُ الْأَرْضُ} فيتمنون أن يبقوا في التراب وفي القبر لما رأوه من العذاب ويصيرون بحيث لا يكتمون اللّه حديثا حتى تشهد عليهم أيديهم وألسنتهم بما كانوا يعملون فلو لم يتدبر المرء الا هذه الآيات لكفاه.

[مسألة]

  وربما قيل في قوله تعالى {يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ وَأَنْتُمْ سُكارى حَتَّى تَعْلَمُوا ما تَقُولُونَ} كيف يصح ذلك والسكران لا يخاطب لزوال عقله. وجوابنا ان المراد المنع من السكر الذي لا يمكن إقامة الصلاة معه لا انه إذا سكر يؤمر وينهى هذا هو الوجه.

  وروى عن بعض الصحابة انه جعل ذلك أول دلالة على تحريم الخمر ودل قوله {حَتَّى تَعْلَمُوا ما تَقُولُونَ} على أن الصلاة لا تصح إلا بقول فذلك أحد ما يدل على وجوب الذكر والقراءة في الصلاة ويدل أيضا على أن المصلي يجب ان يكون عالما بصلاته وبقراءته متدبرا لها فلا يصلي وهو غافل ونهى تعالى الجنب ان يقرب الصلاة الا عابر سبيل حتى يغتسل فدل بذلك على أنه متى لم يكن مسافرا لم تصح صلاته الا بالاغتسال ونبه جل وعز على أنه إذا كان مسافرا يجوز ان يصلي بلا اغتسال بل بالتيمم.

[مسألة]

  وربما قيل في قوله تعالى {يا أَيُّهَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ آمِنُوا بِما نَزَّلْنا مُصَدِّقاً لِما مَعَكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَطْمِسَ} تنزيه القرآن (٧)