تنزيه القرآن عن المطاعن،

القاضي عبدالجبار الهمذاني (المتوفى: 415 هـ)

[مسألة]

صفحة 422 - الجزء 1

سورة الممتحنة

[مسألة]

  وربما قيل في قوله تعالى {إِلَّا قَوْلَ إِبْراهِيمَ لِأَبِيهِ لَأَسْتَغْفِرَنَّ لَكَ} كيف يصحّ ان يستغفر له مع كفره؟ وجوابنا أنّ ذلك وعد منه وقد قال تعالى {وَما كانَ اسْتِغْفارُ إِبْراهِيمَ لِأَبِيهِ إِلَّا عَنْ مَوْعِدَةٍ وَعَدَها إِيَّاهُ فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ عَدُوٌّ لِلَّهِ تَبَرَّأَ مِنْهُ} وذلك يقتضي أنّ استغفاره كان بشرط وعلى وجه يحسن عليه ولو كان استغفاره مطلقا لما قال {وَما أَمْلِكُ لَكَ مِنَ اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ} فإن قيل فما معنى قوله تعالى من بعد {رَبَّنا لا تَجْعَلْنا فِتْنَةً لِلَّذِينَ كَفَرُوا} قيل له أنهم سألوا ربهم أن يزيل عنهم الأمور التي عندها يشمت الكفار بهم.

[مسألة]

  وربما قيل في قوله تعالى {يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا جاءَكُمُ الْمُؤْمِناتُ مُهاجِراتٍ} كيف وصفهن بالمؤمنات قبل الهجرة وقبل القبول من الرسول لأنه قال {فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِناتٍ فَلا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّارِ}؟ وجوابنا أن المراد بذلك المظهرات للايمان الراغبات في ذلك فلا تناقض في هذا الكلام لأنّهن يظهرنه ويرغبن فيه ثمّ يدّعين ويختبرن فتعرف حالهن.