[مسألة]
  التوراة والإنجيل كما جعلهما هدى للناس كذلك الفرقان جعله هدى ومفرّقا بين الحق والباطل.
[مسألة]
  وربما قيل في قوله {شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ} ما فائدة الشهادة منه تعالى ومن لا يعلم ويعرف بصفاته وعدله لا يوثق بقوله؛ وكذلك شهادة الملائكة فما الفائدة في ذلك. وجوابنا أنه تعالى قد نبه على طريق معرفته في مثل قوله {يا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ} وفي آية المحاجة لإبراهيم ﷺ وغير ذلك فأراد تعالى أن يحقق التوحيد بذكر شهادة الملائكة والعلماء ومثل ذلك بعد البيان يكون مصلحة وليس المراد بذلك الشهادة التي هي مثل البينات في الحقوق بل المراد التنبيه على وضوح الشيء ووضوح أدلته وبعث السامعين على تأمل طريقته.
[مسألة]
  وربما قالوا في قوله تعالى {رَبَّنا لا تُزِغْ قُلُوبَنا} ان ذلك كالدلالة على أنه يزيغ قلوب البعض من العباد وانه يصرفهم عن الهدى.
  وجوابنا ما تقدم من أن السائل قد يسأل ما المعلوم أنه تعالى لا يفعل خلافه فليس في هذه المسألة دلالة على أنه تعالى يفعل ببعضهم زيغ القلب كما ليس في قوله {رَبِّ احْكُمْ بِالْحَقِّ} دلالة على أنه يحكم بالباطل والمراد انهم سألوا أن يلطف بهم في أن لا يزيغ قلبهم بعد الهدى لأن المهتدى قد يحتاج إلى الالطاف ليثبت على ذلك ويزداد هدى إلى هدى.
[مسألة]
  وربما قالوا فعلى هذا التأويل سألوا اللّه تعالى أن يلطف لهم في أن لا يزيغ قلبهم عن الهدى وهو اللطف فيجب في قوله {وَهَبْ لَنا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً} أن يكون تكرارا لأنّ الأول أيضا رحمة ونعمة. وجوابنا ان المسألة الأولى هي اللطف في باب الدين والثانية في التفضل في المعجل في مصالح الدنيا فالمعنى مختلف.