[مسألة]
  ما الفائدة في ذكر ذلك. وجوابنا ان التعبد فيما يحرر من الحمل في الذكر يخالف التعبد في الأنثى فلذلك قال {وَإِنِّي سَمَّيْتُها مَرْيَمَ وَإِنِّي أُعِيذُها بِكَ وَذُرِّيَّتَها مِنَ الشَّيْطانِ الرَّجِيمِ} فبين حكم الأنثى وبين انه مخالف لحكم الذكر.
[مسألة]
  وربما قيل في قوله تعالى {كُلَّما دَخَلَ عَلَيْها زَكَرِيَّا الْمِحْرابَ وَجَدَ عِنْدَها رِزْقاً قالَ يا مَرْيَمُ أَنَّى لَكِ هذا} كيف يجوز ذلك وليست نبية والمعجزات لا تظهر الا على الأنبياء. فان قلتم ظهر على زكريا فكيف يصح أن يسألها فنقول هو من عند اللّه وعليه ظهر.
  وجوابنا ان ذلك من معجزات زكريا فإنما قال لها أنى لك هذا لا لأنه لم يعلم أن ذلك من معجزاته لكن ليعرف حالها وما تعتقده في ذلك، فلذلك قال تعالى {هُنالِكَ دَعا زَكَرِيَّا رَبَّهُ} لأنه عرف منها اليقين فلما أعجبه ذلك سأل اللّه أن يرزقه ولدا فبشره اللّه بيحيى على ما نطق به الكتاب.
[مسألة]
  وربما قيل في قوله {ذلِكَ مِنْ أَنْباءِ الْغَيْبِ نُوحِيهِ إِلَيْكَ} كيف يصح ذلك وقد كان هذا الخبر موجودا عند النصارى وغيرهم.
  وجوابنا أنه ﷺ لم يخالطهم مخالطة يقف بها على تفصيل هذه الأمور وكان كسائر العرب. فبيّن تعالى انه قد خصه بهذا الغيب ليعرف به صحة نبوته ولذلك قال {وَما كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يُلْقُونَ أَقْلامَهُمْ} فحكى تفصيل ما كان يجري في أمر مريم وذلك من أعظم معجزاته ﷺ وربما قيل في قوله {إِذْ قالَتِ الْمَلائِكَةُ يا مَرْيَمُ إِنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكِ بِكَلِمَةٍ مِنْهُ اسْمُهُ الْمَسِيحُ} كيف قالت الملائكة لها وليست بنبية. وجوابنا أنها قالت في زمن نبي وهو زكريا وذلك مما يجوز عندنا وعلى هذا الوجه يحمل ما روى أن جبريل # ظهر في صورة دحية الكلبي بحيث يراه الناس.
  تنزيه القرآن (٥)