[مسألة]
  يَعْلَمِ اللَّهُ الَّذِينَ جاهَدُوا مِنْكُمْ وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ} فنبه بذكر العلم على وقوع الجهاد منهم لان ذلك هو الذي يستحق به الجنة.
[مسألة]
  وربما قيل في قوله تعالى {وَلَقَدْ كُنْتُمْ تَمَنَّوْنَ الْمَوْتَ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَلْقَوْهُ فَقَدْ رَأَيْتُمُوهُ وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ} كيف يصح أن يلقى الموت وهو ينظر. وجوابنا أن المراد رؤيته أسباب الموت ومقدماته دون نفس الموت لان الميت لا يتمكن من أن يكيف الموت ويراه وهو كقوله تعالى {كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ} والمراد به المرض الذي يخاف منه وهو كقوله تعالى في قصة إبراهيم # {إِنِّي أَرى فِي الْمَنامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ} والمراد الاضجاع الذي هو مقدمة الذبح. وربما سألوا في هذه الآية فقالوا أليس تمنيهم الموت هو تمني قتل الكفار لهم وذلك مما يقبح فكيف يصح ذلك. وجوابنا ان الموت غير القتل أو يكون من قبل اللّه تعالى لا من قبل الكفار فيصح أن يتمنوه تخفيفا للتكليف عليهم. فبعث بذلك على الجهاد لكي لا يزهدوا فيه خوف الموت وقد يتمنى ذلك على وجه لا يحصل معه من الثواب ما يحصل بالموت في الجهاد.
[مسألة]
  وربما قيل في قوله تعالى {وَما مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَ فَإِنْ ماتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلى أَعْقابِكُمْ} ان ذلك لا تعلق له بما تقدم من الترغيب في الجهاد. وجوابنا ان المروي في ذلك انهم قالوا لما انهزم أصحاب النبي ﷺ أنه قد قتل فنحن نعود إلى ديننا الأول فقال اللّه تعالى {أَ فَإِنْ ماتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلى أَعْقابِكُمْ} وقال أيضا {وَلَقَدْ كُنْتُمْ تَمَنَّوْنَ الْمَوْتَ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَلْقَوْهُ} فلما انهزمتم وقد رغبكم اللّه في الثواب العظيم ان أنتم ضربتم وان أتى القتل عليكم.