[مسألة]
[مسألة]
  وربما قيل في قوله تعالى {أَ تَعْبُدُونَ ما تَنْحِتُونَ وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَما تَعْمَلُونَ} أليس في ذلك تصريح بخلق أعمال العباد؟
  وجوابنا ان المراد واللّه خلقكم وما تعملون من الأصنام فالأصنام من خلق اللّه وانما عملهم نحتها وتسويتها ولم يكن الكلام في ذلك فإنه ﷺ أنكر عبادتهم فقال أتعبدون ما تنحتون وذلك الذي تنحتون، اللّه خلقه ولا يصح لما أورده عليهم معنى إلا على هذا الوجه وذلك في اللغة ظاهر لأنه يقال في النّجّار عمل السرير وان كان عمله قد تقضى وعمل الباب ونظير ذلك قوله تعالى في عصا موسى {فَإِذا هِيَ تَلْقَفُ ما يَأْفِكُونَ} المراد ما وقع أفكهم فيه فعلى هذا الوجه نتأول هذه الآية ومعنى قوله من بعد {وَقالَ إِنِّي ذاهِبٌ إِلى رَبِّي سَيَهْدِينِ رَبِّ هَبْ لِي مِنَ الصَّالِحِينَ}.
[مسألة]
  وربما قيل في قوله {فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ قالَ يا بُنَيَّ إِنِّي أَرى فِي الْمَنامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانْظُرْ ما ذا تَرى} وقوله من بعد {فَلَمَّا أَسْلَما وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ وَنادَيْناهُ أَنْ يا إِبْراهِيمُ قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيا} وقوله من بعد {وَفَدَيْناهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ} سؤالات منها ما رآه في المنام كيف يلزمه والأنبياء إنما تعمل على الوحي ومنها أنه كان يجعل ذلك كالأمر وكيف يصح أن يأمره بذبحه ثمّ يزول ذلك وهل هذا إلا كالبداء ومنها أنه كان الفداء بذبح فكيف يصح من غير جنس ما جعل فدية له؟ وجوابنا أن رؤيا إبراهيم في المنام يجب أن تكون قد تقررت بما يعلم به أن ذلك بالوحي ولولاه لما قال {فَانْظُرْ ما ذا تَرى} ولما أخذ في ذبحه فإنه إن يفعل فقد مات الذبيح مع شدة إشفاقه على ولده ولذلك قال ولده {افْعَلْ ما تُؤْمَرُ} فلولا علمهما أن هذا أمر من اللّه لم يصح فأما هذا عندنا فهو أمر بمقدمات الذبح وعظم ذلك عليه لظنه أنه سيؤمر باتمام الذبح لأن العادة جارية بأن الإضجاع وأخذ الآلة لا غرض فيه إلا الذبح فعلى هذا الوجه فعل ما أمر وما ظنه لم يؤمر به فلا يؤدي إلى البداء