تنزيه القرآن عن المطاعن،

القاضي عبدالجبار الهمذاني (المتوفى: 415 هـ)

[مسألة]

صفحة 91 - الجزء 1

  الا ما قد سلف فإنه وقع مباحا ويكون المعنى صحيحا وقد قيل إن المراد به سوى ما قد سلف، كما يقول الرجل لمن ينهاه عن بيع متاعه بعد ان كان قد أذن له، لا تبع متاعي الا ما بعته ويحتمل أن يكون المراد الا ما قد سلف فلا تؤاخذون به وقوله بعده {إِنَّهُ كانَ فاحِشَةً وَمَقْتاً وَساءَ سَبِيلًا} يقوي التأويل الأوّل لأنه كأنه قال إن ذلك فاحشة دون ما سلف فإنه ليس كذلك.

[مسألة]

  وربما قيل في قوله تعالى {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهاتُكُمْ وَبَناتُكُمْ} أليس ذلك يقتضي إباحة سوى من ذكر لقوله وأحل لكم ما وراء ذلكم. وجوابنا أنه قد دخل تحت الأمهات كل من له حظ في الولادة وذلك معلوم بالاجماع وان كان نفس اللفظ لا يوجبه لأن الأم إذا أطلق فالمراد به من لها لولادة خاصة وعلى هذا الوجه لم يعقل من قوله تعالى {وَوَرِثَهُ أَبَواهُ فَلِأُمِّهِ الثُّلُثُ} الجدة فحرم اللّه تعالى على الانسان أمه وكل أم له بواسطة، وحرم عليه ابنته وكل ابنة له بواسطة، وكما حرم عليه ذلك حرم عليه الأخوات وأولادهن وان كان ذلك بواسطة، وحرم عليه بنات جده من العمات والخالات ولم يحرم أولادهن فجلة ما حرم من النساء لمكان النسب هذه السبعة وحرم بالنسب أيضا سبعة فحرم حليلة الابن وحرم أمهات نسائه وحرم بنات نسائه وهن الربائب بشرط الدخول بالأم، وحرم الجمع بين الأختين وحرم بالرضاع مثل ما حرم بالنسب فقد روى عنه أنه قال يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب وان كان تعالى انما نص على الأمهات والأخوات وقد ثبت بالسنة تحريم الجمع بين العمة وبنت أخيها والخالة وبنت أختها وأجرى ذلك مجرى الجمع بين الأختين فهذا هو طريق يبين ما حرم اللّه تعالى من النساء في عينهن وعلى وجه الجمع بين ما أحله من ذلك.

[مسألة]

  وربما قيل في قوله تعالى {فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ}