تنزيه القرآن عن المطاعن،

القاضي عبدالجبار الهمذاني (المتوفى: 415 هـ)

[مسألة]

صفحة 442 - الجزء 1

سورة المدّثر

[مسألة]

  ربما قيل ما معنى قوله تعالى {وَلا تَمْنُنْ تَسْتَكْثِرُ} وكيف يتعلق أحدهما بالآخر؟ وجوابنا ان المراد لا تستكثر ما تنعم به على غيرك بعثا له على الزيادة في الانعام ويحتمل ان يكون المراد لا تستكثره على وجه الامتنان.

[مسألة]

  وربما قيل في قوله تعالى {وَما جَعَلْنا أَصْحابَ النَّارِ إِلَّا مَلائِكَةً} كيف يصح مع فضلهم أن يجعلهم أصحاب النار وكيف يصح قوله تعالى {وَما جَعَلْنا عِدَّتَهُمْ إِلَّا فِتْنَةً لِلَّذِينَ كَفَرُوا} وأي تعلق لعدتهم بافتتان الكفار؟ وجوابنا ان المراد الموكلون بعذاب أهل النار لأنهم يضافون إلى النار بأنهم أصحابها بل إضافتهم إلى ذلك أحق لأنهم يتصرفون في التعذيب بها ومعنى قوله تعالى {وَما جَعَلْنا عِدَّتَهُمْ إِلَّا فِتْنَةً} أن المعلوم من كثرة عددهم أنه أقرب إلى غمهم وحسرتهم وكل ذلك بعث من اللّه سبحانه على الطاعة وزجر عن المعصية فلذلك قال تعالى {لِيَسْتَيْقِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ وَيَزْدادَ الَّذِينَ آمَنُوا إِيماناً} وقوله تعالى من بعد {وَلا يَرْتابَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ وَالْمُؤْمِنُونَ وَلِيَقُولَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ وَالْكافِرُونَ ما ذا أَرادَ اللَّهُ بِهذا مَثَلًا كَذلِكَ يُضِلُّ اللَّهُ مَنْ يَشاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشاءُ} قالوا فيه كيف يصح أن يجعل تعالى لهم عدة لهذا الوجه الذي يقبح منهم فعله؟ وجوابنا أن هذه