تنزيه القرآن عن المطاعن،

القاضي عبدالجبار الهمذاني (المتوفى: 415 هـ)

[مسألة]

صفحة 267 - الجزء 1

  تعالى {وَما تَعْبُدُونَ} ولو كان المراد العقلاء لأورده بلفظ من وظاهر ذلك أنه جل وعز يعيد هذه الأصنام ويجعلها كالحطب في النار فيشاهدها من كان يعبدها فيكون حجة أعظم وبيّن بعده الفضل بين منزلة هؤلاء وبين منزلة الذين سبقت لهم منه الحسنى فقال تعالى {أُولئِكَ عَنْها مُبْعَدُونَ} وبيّن أنه لا يحزنهم الفزع الأكبر وأن الملائكة تبشرهم بمنزلة الثواب وبيّن بقوله تعالى {نُعِيدُهُ وَعْداً عَلَيْنا} أنه تعالى قد أوجب على نفسه إعادة الخلق وما يتصل بهم.

[مسألة]

  وربما قيل في قوله تعالى {قالَ رَبِّ احْكُمْ بِالْحَقِّ} كيف يصح ذلك وهو لا يحكم الا بالحق وما الفائدة في أمره بهذا الدعاء؟

  وجوابنا أن الدعاء بما لا يجوز خلافه قد يحسن وعلى هذا الوجه ندعو اللّه للأنبياء والرسل ونقول اللهم صلي على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم ونقول اغفر للمؤمنين والمؤمنات وعلى هذا الوجه قال إبراهيم {لا تُخْزِنِي يَوْمَ يُبْعَثُونَ} فكيف ننكر ذلك وكيف نظن أنه يجوز أن يحكم بالباطل تعالى اللّه عن قولهم علوا كبيرا.