تنزيه القرآن عن المطاعن،

القاضي عبدالجبار الهمذاني (المتوفى: 415 هـ)

[مسألة]

صفحة 331 - الجزء 1

  وقوله تعالى من بعد {إِنَّا مِنَ الْمُجْرِمِينَ مُنْتَقِمُونَ} والمراد به العقاب يدل على أن كل مجرم وان كان من أهل الصلاة فاللّه تعالى ينتقم منه إلّا أن يكون تائبا أو جرمه صغيرا وقوله تعالى من بعد {وَجَعَلْناهُ هُدىً لِبَنِي إِسْرائِيلَ وَجَعَلْنا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنا لَمَّا صَبَرُوا} المراد به جعلناهم أنبياء وعلماء يقتدى بهم لأجل صبرهم فدل بذلك على أن الأنبياء لولا صبرهم عن معاصي اللّه لما جعلوا أنبياء فيبطل بذلك قول من يجوز عليهم الكفر والكبائر قبل البعثة وقوله تعالى من بعد {إِنَّ رَبَّكَ هُوَ يَفْصِلُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ فِيما كانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ} يحمل على أنه تعالى يفصل بينهم بالعلم فينقاد المبطل ويعرف المحق حاله في ذلك فإن كان الفصل يقتضي نقل الاعراض فسيفعله تعالى.

[مسألة]

  وربما قيل في قوله تعالى {فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَانْتَظِرْ إِنَّهُمْ مُنْتَظِرُونَ} وكيف يصح والقوم يكذبون بذلك كما قال تعالى بعده {وَيَقُولُونَ مَتى هذَا الْوَعْدُ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ} ومن لا يؤمن بيوم القيامة كيف ينتظر ذلك؟ وجوابنا أن موتهم لما كان مقدمة الإعادة جاز أن يقول ذلك ويحتمل أنهم على غير يقين مما قالوا فهم على شك وتجويز فحكمهم حكم المنتظر.