[مسألة]
  بأن يفعل المحاسبة في أجسام وأن يكون الكل في حال واحد وقوله تعالى {وَأَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الْآزِفَةِ} ثمّ قال تعالى من بعد {ما لِلظَّالِمِينَ مِنْ حَمِيمٍ وَلا شَفِيعٍ} يدل على أن الشفاعة لا تكون الا للمؤمنين فتزيدهم منزلة على وجه التفضل ولو كانت الشفاعة لأهل الكبائر المصرّين لم يصح هذا الظاهر وقوله تعالى من بعد {ذلِكَ بِأَنَّهُمْ كانَتْ تَأْتِيهِمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّناتِ فَكَفَرُوا فَأَخَذَهُمُ اللَّهُ} يدل على أن الذي لأجله حسن منه أن يعاقبهم أن الرسل جاءتهم بالبينات ومع ذلك اختاروا الكفر ولو كان تعالى خلق ذلك فيهم لكان مجيء مرسل إليهم وأن لا يجيئوا إليهم سواء.
[مسألة]
  وربما قيل في قوله تعالى {وَقالَ رَجُلٌ مُؤْمِنٌ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَكْتُمُ إِيمانَهُ أَ تَقْتُلُونَ رَجُلًا أَنْ يَقُولَ رَبِّيَ اللَّهُ} كيف يصح ان يكون كاتما لإيمانه مع أنه حكى عنه {وَقالَ الَّذِي آمَنَ يا قَوْمِ إِنِّي أَخافُ عَلَيْكُمْ مِثْلَ يَوْمِ الْأَحْزابِ} ثمّ قال {وَقالَ الَّذِي آمَنَ يا قَوْمِ اتَّبِعُونِ أَهْدِكُمْ سَبِيلَ الرَّشادِ} ولو كان مظهرا لإيمانه لم يزد على ذلك. وجوابنا أنه يحتمل في الأول أن يكون كاتما لإيمانه ثمّ من بعد لما جربهم وسلم منهم أظهره وذلك لا يستحيل ويحتمل ان يكون معرضا بتلك اللغة وحكى اللّه عنه على حسب مراده فيكون بالعربية تصريحا وان كان بتلك اللغة تعريضا.
[مسألة]
  وربما قيل في قوله تعالى {وَقالَ الَّذِينَ فِي النَّارِ لِخَزَنَةِ جَهَنَّمَ ادْعُوا رَبَّكُمْ يُخَفِّفْ عَنَّا يَوْماً مِنَ الْعَذابِ} كيف يصح ذلك منهم مع علمهم بأنه لا يخفف البتة؟ وجوابنا أن مثل ذلك لا يقع من الممتحن على وجه الاستعانة بالغير والاسترواح إلى هذا القول وان علم أن ذلك لا يتم. وقد قيل إن ذلك يحسن في الآخرة لقوله تعالى {يُرِيدُونَ أَنْ يَخْرُجُوا مِنَ النَّارِ وَما هُمْ بِخارِجِينَ مِنْها}.