تنزيه القرآن عن المطاعن،

القاضي عبدالجبار الهمذاني (المتوفى: 415 هـ)

[مسألة]

صفحة 123 - الجزء 1

[مسألة]

  وربما قيل في قوله تعالى {ذلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمانِكُمْ} كيف يصح ذلك وما يستحقه من الاثم في اليمين أو في الحنث لا يزول بذلك.

  وجوابنا ان لهذه الكفارة حظا في التكفير وان لم يزل الكل فلذلك سمي بهذا الاسم لا انه إذا فعلها لأجل يمينه وحنثه زال كل عقابه بل خففه فلذلك يحتاج إلى التوبة ليقطع بها على زوال العقوبة لان قدر تأثير الكفارة غير معلوم وقد يقال إن ذلك كفارة لا لأنها تكفر الاثم، وعلى هذا الوجه يكون كفارة في عظم الأمور ويكون كفارة فيما هو طاعة أيضا.

[مسألة]

  وربما قيل في قوله تعالى {يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَسْئَلُوا عَنْ أَشْياءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ وَإِنْ تَسْئَلُوا عَنْها حِينَ يُنَزَّلُ الْقُرْآنُ تُبْدَ لَكُمْ عَفَا اللَّهُ عَنْها وَاللَّهُ غَفُورٌ حَلِيمٌ قَدْ سَأَلَها قَوْمٌ مِنْ قَبْلِكُمْ ثُمَّ أَصْبَحُوا بِها كافِرِينَ} كيف يصح المنع من المسألة والتكفير وهي تعرف بحال ما سأل عنه السائل. وجوابنا أن المسألة في باب الدين تعرف الحق لا ينكر وليس هذا هو المراد بل المراد المسألة على وجه التعنت لقوله تعالى {وَقالُوا لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى تَفْجُرَ لَنا مِنَ الْأَرْضِ يَنْبُوعاً} الآيات فان ما جرى هذا المجرى يقبح وربما عظم حتى بلغ حد الكفر إذا اقترن به القدح في النبوّة وبين تعالى بقوله {ما جَعَلَ اللَّهُ مِنْ بَحِيرَةٍ وَلا سائِبَةٍ وَلا وَصِيلَةٍ وَلا حامٍ} وبقوله {وَلكِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ} ان كل ذلك من فعلهم ولو كان ما فعل العبد مخلوقا من جهة اللّه لما صح ذلك وبين بقوله {وَإِذا قِيلَ لَهُمْ تَعالَوْا إِلى ما أَنْزَلَ اللَّهُ وَإِلَى الرَّسُولِ قالُوا حَسْبُنا ما وَجَدْنا عَلَيْهِ آباءَنا} ان تقليد الآباء وغيرهم في باب الدين جرم عظيم.