[مسألة]
  مِنْكُمْ فَإِنِّي أُعَذِّبُهُ عَذاباً لا أُعَذِّبُهُ أَحَداً مِنَ الْعالَمِينَ}.
[مسألة]
  وربما قيل في قوله تعالى {وَإِذْ قالَ اللَّهُ يا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ أَ أَنْتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّي إِلهَيْنِ مِنْ دُونِ اللَّهِ} كيف يصح ذلك وعيسى لم يقل ذلك للناس وكيف يصح أن يقول {وَإِذْ قالَ اللَّهُ} وذلك يخبر به عن الماضي ولم يتقدم ذلك منه تعالى في الدنيا.
  وجوابنا ان ذلك من اللّه تعالى على وجه التوبيخ والتقريع لمن قال ذلك، وقد يجوز من الحكيم أن يخاطب بذلك متهما بفعل ليكون ردعا وتوبيخا لمن فعل واللّه تعالى عالم بالأمور، ولا يصح الاستفهام عليه فالمراد ما ذكرنا فقد كان فيهم من يزعم أن عيسى ﷺ أمرهم بأن يتخذوهما إلهين فيعبدوهما ويطيعوهما كطاعة المرء للّه ولذلك قال بعده {إِنْ كُنْتُ قُلْتُهُ فَقَدْ عَلِمْتَهُ} وقد قيل إن هذا القول وقع منه تعالى في مخاطبة عيسى # قبل يوم القيامة عندما رفعه إلى السماء فلذلك قال تعالى {وَإِذْ قالَ اللَّهُ يا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ} وقيل أيضا وإذ قال يستعمل في المستقبل إذ قدر فيه تقدير الماضي كقوله تعالى {وَنادى أَصْحابُ النَّارِ أَصْحابَ الْجَنَّةِ} لما قدر فيه تقدير الماضي ولذلك قال تعالى بعده {ما قُلْتُ لَهُمْ إِلَّا ما أَمَرْتَنِي بِهِ أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ وَكُنْتُ عَلَيْهِمْ شَهِيداً ما دُمْتُ فِيهِمْ فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي كُنْتَ أَنْتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ}.
[مسألة]
  وربما قيل في قوله تعالى {إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبادُكَ وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} أليس ذلك من قول عيسى ﷺ يدل على أنه كان لا يعرف انه تعالى يعذب الكفار لا محالة.
  وجوابنا ان المراد تفويض أمرهم إلى اللّه وأنه يفعل بهم ما يريد مما يكون عدلا وحكمة ويحتمل أن يكون المراد بقوله {إِنْ تُعَذِّبْهُمْ} من استمر على كفره وبقوله {وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ} من آمن.