تنزيه القرآن عن المطاعن،

القاضي عبدالجبار الهمذاني (المتوفى: 415 هـ)

[مسألة]

صفحة 159 - الجزء 1

  اللَّهَ قَتَلَهُمْ وَما رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلكِنَّ اللَّهَ رَمى} كيف يصح ذلك مع القول بأن اللّه تعالى لا يخلق أفعال العباد. وجوابنا أنه كان يرمي يوم بدر واللّه تعالى بلغ برميته المقاتل فلذلك أضافه تعالى إلى نفسه كما أضاف الرمية أوّلا اليه بقوله إذ رميت والكلام متفق بحمد اللّه.

[مسألة]

  وربما قيل في قوله تعالى {إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِنْدَ اللَّهِ الصُّمُّ الْبُكْمُ} كيف يصح أن يضم الصم البكم إلى الذين لا يعقلون. وجوابنا أنه تعالى ذكر قبله {وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ قالُوا سَمِعْنا وَهُمْ لا يَسْمَعُونَ} فذمهم على ترك القبول ثمّ شبههم بالصم البكم على طريقة اللغة في مبالغة ذم من لا يقبل الحق فربما قيل فيه انه ميت كما قال تعالى لرسوله {إِنَّكَ لا تُسْمِعُ الْمَوْتى} ولذلك قال بعده {وَلَوْ عَلِمَ اللَّهُ فِيهِمْ خَيْراً لَأَسْمَعَهُمْ} يعني القبول ثمّ قال {وَلَوْ أَسْمَعَهُمْ لَتَوَلَّوْا وَهُمْ مُعْرِضُونَ} فذمهم نهاية الذم وقوله تعالى من بعد {يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذا دَعاكُمْ لِما يُحْيِيكُمْ} وهو بعث من اللّه تعالى على الجهاد فكما ذم من قعد عنه ولم يطع الرسول كذلك مدح من قام بحقه وأراد بقوله {إِذا دَعاكُمْ لِما يُحْيِيكُمْ} أن الجهاد يؤدي إلى حياتهم من حيث لولاه لقتلهم الكفار فهو كقوله {وَلَكُمْ فِي الْقِصاصِ حَياةٌ} ويحتمل إذا دعاكم للامر الذي يؤدي إلى حياة الأبد وهو الثواب.

[مسألة]

  وربما قيل في قوله تعالى {وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ} بالإماتة وبغير ذلك فبعث على الجهاد قبل أن يرد عليهم ما يمنع من ذلك من موت أو غيره.

[مسألة]

  وربما قيل في قوله تعالى {يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ} كيف يصح ذلك والمضار على اللّه تعالى لا تجوز. وجوابنا ان اللّه تعالى