تنزيه القرآن عن المطاعن،

القاضي عبدالجبار الهمذاني (المتوفى: 415 هـ)

[مسألة]

صفحة 161 - الجزء 1

  مع الذي كانوا عليه من المباينة الشديدة ومن الآنفة والحمية.

[مسألة]

  وربما قيل في قوله تعالى {ما كانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَسْرى حَتَّى يُثْخِنَ فِي الْأَرْضِ تُرِيدُونَ عَرَضَ الدُّنْيا} كيف يصح ان يضيف ذلك إلى الرسول وهو منزه عن الرغبة في الدنيا ولا يريد الا ما أراده اللّه تعالى. وجوابنا انه لم يضف ذلك إلى الرسول على الحقيقة حتى يلزم ما ذكرته وانما نسبه إلى غيره ممن كان بغيته الغنائم وقد يصح أيضا من الأنبياء إرادة عرض الدنيا من المباحات وان كان تعالى يريد العبادات ومعنى قوله تعالى {لَوْ لا كِتابٌ مِنَ اللَّهِ سَبَقَ لَمَسَّكُمْ فِيما أَخَذْتُمْ عَذابٌ عَظِيمٌ} فالمراد ما كتبه اللّه تعالى في اللوح المحفوظ من كون ما وقع من باب الصغائر المغفورة وقيل لولا كتاب سبق نزوله ما أحدثتموه من الاسرى والكتاب هو القرآن فآمنتم به واستحققتم بالايمان غفران صغائر ذنوبكم لمسكم فيما أخذتم من الامر عذاب عظيم.

[مسألة]

  وربما قيل في قوله تعالى {يا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِمَنْ فِي أَيْدِيكُمْ مِنَ الْأَسْرى إِنْ يَعْلَمِ اللَّهُ فِي قُلُوبِكُمْ خَيْراً} أليس يدل ذلك على حدوث علم من اللّه تعالى. وجوابنا انه تعالى يذكر العلم ويريد المعلوم من حيث صح أن معلوم العلم يكون على ما تناوله وعلى هذا الوجه يمدح أحدنا صاحبه ويقول قد علمت ما أنت عليه من الخير والفضل وذلك كثير في القرآن.

  تنزيه القرآن (١١)