[مسألة]
  تَأْكُلُوا مِنْ بُيُوتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ آبائِكُمْ} أراد الجمع وكذلك قوله {وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبائِهِنَّ} أراد الجمع وقد يقال جالس الحسن أو ابن سيرين والمراد الجمع وإذا جاز في الواو أن يراد به معنى أو كقوله تعالى {فَانْكِحُوا ما طابَ لَكُمْ مِنَ النِّساءِ مَثْنى وَثُلاثَ وَرُباعَ} فكذلك يجوز أن يذكر أو ويراد به الجمع.
  [فصل] ثمّ انه تعالى بعد وصف المنافقين بعث المكلفين على عبادته فقال {يا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} ولا يصح أن يقول ذلك الا مع الامر بمعرفة اللّه تعالى ليصح أن يعبد ومع إقامة الدلالة التي يصل بالنظر فيها إلى معرفة اللّه تعالى وذلك ما نبه عليه بقوله {الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ} ونبه بذلك على أن العبادة انما تليق به لأنه خالقنا والمنعم علينا ونبه بذلك على بطلان التقليدي لأنه لا يصح أن يكون طريقا لمعرفته ونبه بذلك على أنه ليس بجسم وأنه انما يعرف بفعله وخلقه.
[مسألة]
  ان قيل فما معنى قوله تعالى {لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} ولعل انما يستعمله المتكلم بمعنى الشك: فجوابنا ان المروى عن ابن عباس والحسن ان لعل وعسى من اللّه واجب فالمراد لكي تتقوا ولكي تشكروا وتفلحوا وذلك أحد ما يدلنا على أنه تعالى لا يريد من المكلف الا الطاعة التي هي التقوى والشكر وما شاكل ذلك وعلى هذا الوجه قال اللّه تعالى لموسى وهارون صلّى اللّه عليهما وسلم {فَقُولا لَهُ قَوْلًا لَيِّناً لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشى} لأنه أراد بذلك تذكره وخشيته وهو الذي يفهم في اللغة وإذا ذكر في غير ذلك فهو مجاز. وقد أجاب بعض العلماء بان المخاطب إذا كان لا يعلم هل يختار ذلك أو لا يختاره صح من المخاطب ان يخاطبه بذلك ليترجاه فمن حيث كان المخاطب مترجيا غير قاطع جاز ان يخاطب بذلك فامر تعالى بعبادته ثمّ قال في آخره {فَلا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْداداً} وهذا هو معنى الاخلاص أي اعبدوه ووحدوه ثمّ نبه تنزيه القرآن (٢)