تنزيه القرآن عن المطاعن،

القاضي عبدالجبار الهمذاني (المتوفى: 415 هـ)

[مسألة]

صفحة 185 - الجزء 1

  رَبُّكَ أَعْمالَهُمْ} كيف يصح أن يوفيهم نفس العمل. وجوابنا أن المراد جزاء العمل من ثواب وعقاب وهو الذي يصح أن يفي به وعده.

[مسألة]

  وربما قيل في قوله تعالى {وَلا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ} كيف يصح ذلك وقد أبيح لنا مخالطتهم.

  وجوابنا أن المراد الركون إليهم فيما يتصل بالمدح والاعظام ويجري مجرى الموالاة ولم يرد ما يتصل بالمعاشرة ومعنى قوله من بعد {إِنَّ الْحَسَناتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئاتِ} ان التوبة تزيل عقاب المعاصي وكثرة الطاعات تكفر السيئات ومعنى قوله تعالى {وَلَوْ شاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً واحِدَةً} بالالجاء والاكراه لكنه انما شاء منهم ذلك على وجه الاختيار لكي يفوزوا بالثواب.

[مسألة]

  وربما قيل في قوله تعالى {وَلا يَزالُونَ مُخْتَلِفِينَ إِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ وَلِذلِكَ خَلَقَهُمْ} أليس ذلك يدل على أنه خلقهم للاختلاف الذي في جملته المعصية وذلك يدل على أنه تعالى مريد منهم ذلك. وجوابنا أن المراد للرحمة خلقهم لأنه قال {إِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ وَلِذلِكَ خَلَقَهُمْ} فلذلك راجع إلى الرحمة لا إلى الاختلاف والرحمة من اللّه تعالى لا تكون الا بإرادته فكأنه قال ولكي يرحمهم خلقهم وهو أقرب مذكور اليه وقد ثبت بالدليل أن الاختلاف الباطل لا يريده اللّه تعالى بل يكرهه أشد كراهة فقد نهى وزجر عن فعله.

[مسألة]

  وربما سألوا عن قوله تعالى {ما مِنْ دَابَّةٍ إِلَّا هُوَ آخِذٌ بِناصِيَتِها} كيف يصح ذلك إذا لم يكن هو الخالق لتصرف الحيوان.

  والجواب عنه أن المراد أنه قادر على تصريفها كما يشاء والعرب تذكر ذلك على هذا المعنى فتقول ناصية فلان بيد فلان.