تنزيه القرآن عن المطاعن،

القاضي عبدالجبار الهمذاني (المتوفى: 415 هـ)

[مسألة]

صفحة 197 - الجزء 1

  السجود إلى القبلة على قريب من هذه الطريقة. ويحتمل في السجود أن يكون وقع منهما على وجه الاعظام له فان ذلك يحسن على بعض الوجوه. وقد قيل إن اللّه تعالى ذكر السجود وأراد الخضوع بضرب من الميل إلى الأرض أقرب إلى الظاهر بين ذلك قوله تعالى {وَقالَ يا أَبَتِ هذا تَأْوِيلُ رُءْيايَ مِنْ قَبْلُ قَدْ جَعَلَها رَبِّي حَقًّا وَقَدْ أَحْسَنَ بِي إِذْ أَخْرَجَنِي مِنَ السِّجْنِ وَجاءَ بِكُمْ مِنَ الْبَدْوِ} ودل بقوله {مِنْ بَعْدِ أَنْ نَزَغَ الشَّيْطانُ بَيْنِي وَبَيْنَ إِخْوَتِي} على أنه قد زال عن قلبه ما عملوه به فاضافه إلى الشيطان تحقيقا لذلك ودل بقوله وقد جعله اللّه نبيّا {أَنْتَ وَلِيِّي فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ} بعد التحية وقوله {تَوَفَّنِي مُسْلِماً وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ} على وجوب الانقطاع إلى اللّه تعالى والخضوع له في المسألة مع العلم بالغفران فمنّ اللّه تعالى على نبينا بقوله {ذلِكَ مِنْ أَنْباءِ الْغَيْبِ نُوحِيهِ إِلَيْكَ} لان في قصة يوسف من العجائب والعبر ما يوجب الشكر ودل بقوله {وَما أَكْثَرُ النَّاسِ وَلَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِينَ} على أن من يؤمن من الناس قليل من كثير وان كان الأنبياء يحرصون على ايمانهم ودل بقوله {وَما تَسْئَلُهُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ} على أن دعاء الغير إلى الايمان لا يكاد يؤثر الا مع رفع الطمع ودل تعالى بقوله {وَكَأَيِّنْ مِنْ آيَةٍ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ يَمُرُّونَ عَلَيْها وَهُمْ عَنْها مُعْرِضُونَ} على أن الواجب على العاقل التفكر في الآيات إذا شاهدها وان ذلك من أعظم ما يأتيه المرء وكذلك قال بعده {وَما يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللَّهِ إِلَّا وَهُمْ مُشْرِكُونَ} ثمّ بين ما يلحقهم إذا أعرضوا عن الآيات من العقاب فقال {أَ فَأَمِنُوا أَنْ تَأْتِيَهُمْ غاشِيَةٌ مِنْ عَذابِ اللَّهِ أَوْ تَأْتِيَهُمُ السَّاعَةُ بَغْتَةً} فنبه بذلك على وجوب الحذر من قرب الساعة وقرب الاجل ثمّ أمر نبيّه بأن يقول {هذِهِ سَبِيلِي أَدْعُوا إِلَى اللَّهِ عَلى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي} ودل بذلك على أن هذا الدعاء كما يلزم الرسول يلزم من اتبعه من أهل المعرفة واليقين ودل بقوله {وَسُبْحانَ اللَّهِ وَما أَنَا مِنَ