[مسألة]
  ويتألفوا على طاعته والمراد بقوله {وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ} من هو موجود منهم وقد نزههم اللّه تعالى عن ذلك وقوله بعد ذلك {رَبِّ إِنَّهُنَّ أَضْلَلْنَ كَثِيراً مِنَ النَّاسِ} يعني الأصنام فمراده أنهن صرن سببا للضلال لا ان الصنم يصح أن يضل ويهدي ولذلك قال بعده {فَمَنْ تَبِعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّي وَمَنْ عَصانِي فَإِنَّكَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} يعني بالتوبة.
[مسألة]
  وربما قيل في قوله تعالى {إِنِّي أَسْكَنْتُ مِنْ ذُرِّيَّتِي بِوادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِنْدَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ} كيف يصح ذلك وهو الذي بنى البيت على ما ذكره اللّه تعالى في كتابه بقوله {وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْراهِيمُ الْقَواعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْماعِيلُ}. وجوابنا انه يحتمل في قوله عند بيتك المحرم أن يكون المراد عند تلك البقعة التي بني فيها البيت.
  ويحتمل ان بناء البيت كان قائما ثمّ اختل فبناه إبراهيم فيكون الكلام مستقيما ومعنى قوله من بعد {وَقَدْ مَكَرُوا مَكْرَهُمْ وَعِنْدَ اللَّهِ مَكْرُهُمْ} ان عنده انزال العقوبات بهم من حيث لا يشعرون وسمّاه مكرا مجازا ومعنى قوله تعالى {يَوْمَ تُبَدَّلُ الْأَرْضُ غَيْرَ الْأَرْضِ وَالسَّماواتُ} انهما يصيران على خلاف هذه الصورة سماه تبديلا كما يقال إن فلانا قد تبدل إذا تغيرت أخلاقه. ويحتمل أن يكون اللّه تعالى يبتدئهما فيخلق أرضا غير هذه في القيامة وسماء غير هذه فيكون أقرب إلى الحقيقة.