[مسألة]
  {إِنَّكَ لَمَجْنُونٌ لَوْ ما تَأْتِينا بِالْمَلائِكَةِ إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ} وبين تعالى لهم انه ما ينزل الملائكة الا بالحق ومتى أنزلهم لم يكن انكار وامهال وقوله تعالى من بعد {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحافِظُونَ} يدل على أن القرآن لا يغير ولا يبدل ولا يزاد فيه ولا ينقص وشبههم بمن يجهل ما يشاهده بقوله جل وعز {لا يُؤْمِنُونَ بِهِ وَقَدْ خَلَتْ سُنَّةُ الْأَوَّلِينَ وَلَوْ فَتَحْنا عَلَيْهِمْ باباً مِنَ السَّماءِ فَظَلُّوا فِيهِ يَعْرُجُونَ لَقالُوا إِنَّما سُكِّرَتْ أَبْصارُنا بَلْ نَحْنُ قَوْمٌ مَسْحُورُونَ} فبين انهم في العدول عن التمسك بالنبوات والقرآن بهذه المنزلة.
[مسألة]
  وربما قيل في قوله تعالى {وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا عِنْدَنا خَزائِنُهُ} أما يدل ذلك على أن أفعال العباد من خلقه لدخوله في قولنا شيء.
  وجوابنا ان المراد ان عندنا علم كل شيء ولذلك قال {وَما نُنَزِّلُهُ إِلَّا بِقَدَرٍ مَعْلُومٍ} أو يكون المراد عندنا القدرة على ما ذكرنا من النعم فلا ننزّل ذلك الا بقدر الحاجة إليه بيّن ذلك أنه تعالى قال من قبل {وَالْأَرْضَ مَدَدْناها وَأَلْقَيْنا فِيها رَواسِيَ وَأَنْبَتْنا فِيها مِنْ كُلِّ شَيْءٍ مَوْزُونٍ وَجَعَلْنا لَكُمْ فِيها مَعايِشَ} فبين بعده انه قادر على إدامة ذلك وكنّى عن القدرة التي لا آخر لها بذكر الخزائن ولذلك قال بعده {وَأَرْسَلْنَا الرِّياحَ لَواقِحَ} فذكر ما ينزله من الأمطار وما ينبته من الأقوات ثمّ قال {وَما أَنْتُمْ لَهُ بِخازِنِينَ} ثمّ قال {وَإِنَّا لَنَحْنُ نُحْيِي وَنُمِيتُ وَنَحْنُ الْوارِثُونَ} دل كل ذلك على عظم نعمه على عباده مرغّبا لهم في شكره وطاعته ثمّ بين تعالى كيف خلق آدم من {صَلْصالٍ مِنْ حَمَإٍ مَسْنُونٍ} وكيف خلق الجان ليعتبر بذلك وكيف أمر بالسجود لآدم وتقدم القول في ذلك وبين بقوله تعالى {إِنَّ عِبادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطانٌ إِلَّا مَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْغاوِينَ} ان الذي يقال من أن الشيطان محبط لا أصل له وإنه إنما يوسوس فلا يكون له سلطان