[مسألة]
  وذلك بخلاف قولكم. وجوابنا انه إذا كان يتبع ما يعرفه من شرائعه فذلك جائز عندنا وانما ننكر كونه ﷺ متعبدا بشرائع من تقدم على معنى انه عرف ما دعوا اليه فتمسك بذلك من دون أمر مبتدأ من قبله تعالى أوحى به اليه ثمّ أوجب تعالى بقوله {ادْعُ إِلى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} على رسوله ﷺ أن يدعو إلى توحيد اللّه وعدله وإلى سائر ما يكون دينا وحقا وبين له كيف يدعو وذلك واجب على غير الرسول ﷺ أن يفعله بمن يجهل الدين كما قال تعالى {قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ ناراً} وبين هذا بقوله تعالى {إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ} على أن من أقدم في باب الدين على ما لا يحل فهو مؤاخذ على ذلك. ودل به على أن الضلال والاهتداء من قبل العبد وقوله تعالى {وَإِنْ عاقَبْتُمْ فَعاقِبُوا بِمِثْلِ ما عُوقِبْتُمْ بِهِ} وهو مجاز لأن ما يفعله العبد لا يكون عقابا في الحقيقة فهو كقوله تعالى {فَمَنِ اعْتَدى عَلَيْكُمْ} ثمّ بين تعالى ان الصبر على ذلك والاخذ بالعفو خير من الانتقام وبين ان صبره ﷺ يكون باللّه تعالى بقوله {وَاصْبِرْ وَما صَبْرُكَ إِلَّا بِاللَّهِ} فدل بذلك على أن الصبر وسائر الطاعات انما تقع عند الطاقة وتيسيره وتسهيله وبيّن بقوله تعالى من بعد {إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ} انه تعالى يخص بالغفران والرحمة من يوصف بأنه متق ومحسن وذلك يدل على قولنا في الوعيد.