تنزيه القرآن عن المطاعن،

القاضي عبدالجبار الهمذاني (المتوفى: 415 هـ)

[مسألة]

صفحة 236 - الجزء 1

  أحوالهم. وجوابنا أن مثل ذلك قد يقال في اللغة ابتداء لتوكيد ما يورد من الحديث وعلى هذا الوجه قال تعالى {أَمْ تَحْسَبُ أَنَّ أَكْثَرَهُمْ يَسْمَعُونَ أَوْ يَعْقِلُونَ إِنْ هُمْ إِلَّا كَالْأَنْعامِ} وقد قيل إنه سئل عن ذلك فصح أن يعلمه اللّه تعالى به على هذا الوجه من القول.

[مسألة]

  وربما قيل في قوله تعالى {وَتَحْسَبُهُمْ أَيْقاظاً وَهُمْ رُقُودٌ} كيف يصح ذلك ومعلوم أن صفة الراقد خلاف صفة المستيقظ فيما يشاهد.

  وجوابنا انهم كانوا وهم رقود بصفة المستيقظ في فتح العيون والتبسم وذلك من آيات اللّه تعالى العجيبة وظاهر ذلك أنهم بقوا تلك المسافة الطويلة رقودا وذلك من آياته العجيبة وان كان في الناس من تأوّل الآية على أنهم كانوا موتى لأجل قوله تعالى {وَكَذلِكَ بَعَثْناهُمْ} ولا يقال ذلك إلا فيمن أحياه اللّه تعالى بعد الممات والأقرب الأول لأنه إذا جعلهم راقدين هذه المدة الطويلة صح أن يقول بعده {وَكَذلِكَ بَعَثْناهُمْ}.

[مسألة]

  وربما قيل في قوله تعالى {وَلا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فاعِلٌ ذلِكَ غَداً إِلَّا أَنْ يَشاءَ اللَّهُ} أليس ذلك يدل على أنه تعالى يشاء كل أمر واقع قبيح وحسن. وجوابنا أن ذلك تأديب لرسول اللّه ولأمته في أن لا يقع منهم القطع على ما ذكر أنهم يخبرون به من الافعال لان القاطع على ذلك لا يأمن أن يكون كاذبا فينبغي أن يقيده بالمشيئة لأنها تخرج الخبر من أن يكون مقطوعا به ولولا صحة ذلك لوجب أن يكون لا يخبر بأمر المستقبل إلّا مع العلم بأن اللّه تعالى قد شاءه وذلك لا يصح وقد كان يعزم على المباح كما يعزم على ما هو عبادة واللّه تعالى لا يشاء الا الطاعة ولولا صحة ذلك لحسن من أحدنا كما يقول تقول الصدق غدا إن شاء اللّه أن يقول أسرق وأزني ان شاء اللّه وذلك محظور على لسان الأمة فالمراد إذا تعليق الكلام بالمشيئة ليخرج من أن يكون خبرا قاطعا لا ان تعلقه به على وجه الشرط.

[مسألة]

  وربما قيل في قوله تعالى {وَلا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنا قَلْبَهُ