[مسألة]
  كنت ممن يتقيه ويخشى عذابه على وجه التخويف كقول القائل ان كنت مؤمنا فلا تظلمني وقوله تعالى {فَأَرْسَلْنا إِلَيْها رُوحَنا فَتَمَثَّلَ لَها بَشَراً سَوِيًّا} يدل على أن خلقة الملائكة مخالفة لخلقة الناس فتمثل بهذه الخلقة ويدل على تقارب خلقتهم في البنية لخلقة البشر وان كانت لهم آلات وعظام ويجوز أن تنفصل وتتصل وانما أنزل إليها جبريل ﷺ وان كان نزوله من المعجزات علما لزكريا ﷺ فقد كان نبيا في الوقت وقول مريم {يا لَيْتَنِي مِتُّ قَبْلَ هذا وَكُنْتُ نَسْياً مَنْسِيًّا} لا يدل على كراهتها لما قضاه اللّه فيها وفي ولدها وإنما تمنت ذلك من حيث يعصى الناس في أمرها لخروجه عن العادة ولما يلحقها من الخجل.
[مسألة]
  وربما قيل في قوله تعالى {يا أُخْتَ هارُونَ} كيف يصح أن يقال لها ذلك وبينها وبين هارون أخي موسى الزمن الطويل؟ وجوابنا انه ليس في الظاهر أنه هارون الذي هو أخو موسى بل كان لها أخ يسمى بذلك واثبات الاسم واللقب لا يدل على أن المسمى واحد وقد قيل كانت من ولد هارون كما يقال للرجل من قريش يا أخا قريش.
[مسألة]
  وربما قيل في قوله تعالى {فَأَشارَتْ إِلَيْهِ قالُوا كَيْفَ نُكَلِّمُ مَنْ كانَ فِي الْمَهْدِ صَبِيًّا قالَ إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ آتانِيَ الْكِتابَ وَجَعَلَنِي نَبِيًّا وَجَعَلَنِي مُبارَكاً أَيْنَ ما كُنْتُ وَأَوْصانِي بِالصَّلاةِ وَالزَّكاةِ ما دُمْتُ حَيًّا} فكيف يصح للطفل أول ما يولد أن يتكلم بذلك وأن يكلف الصلاة والزكاة وأي فرق بين من يجوز ذلك وبين من يجوز تكليف الموتى؟ وجوابنا أنه تعالى قادر على اكمال عقله وتقوية جسمه في تلك الحالة وان كان كلا الامرين يحصل فينا في العادة في الوقت الطويل بالتدريج وإذا كان كذلك وألهمه اللّه تعالى هذا القول صح أن يقول ما قال وصح سائر ما وصف به نفسه أوليس يوجب قوله وأوصاني