[مسألة]
سورة طه
[مسألة]
  وربما قيل في قوله تعالى {تَنْزِيلًا مِمَّنْ خَلَقَ الْأَرْضَ وَالسَّماواتِ الْعُلى} ما الوجه في أن يقول بعده {الرَّحْمنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوى}؟ وجوابنا أنه تعالى عظم شأن القرآن من حيث كان {تَنْزِيلًا مِمَّنْ خَلَقَ الْأَرْضَ وَالسَّماواتِ} ثمّ أتبعه بما هو أعظم من ذلك فقال {الرَّحْمنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوى} والمراد استولى واقتدر عليه لأن العرش من أعظم ما خلق فنبّه على أنه إذا كان مقتدرا عليه مع عظمة وعلى السماوات وعلى الأرضين ويملك ما في السماوات وما في الأرض وما بينهما وما تحت الثرى فاعلموا عظم محل القرآن لصدوره عمّن هذا وصفه وتمسكوا بآدابه وأحكامه فذلك بعث من اللّه تعالى على تدبر القرآن وقد بينا من قبل بطلان قول المشبهة بأنه تعالى استوى على العرش وقلنا إن من يصح ذلك عليه يكون حسّا ذا صورة ومن هذا حاله يكون محدثا محتاجا إلى مصور فالمراد الاستيلاء والقدرة كما ذكرناه.
[مسألة]
  وربما قيل في قوله تعالى {وَإِنْ تَجْهَرْ بِالْقَوْلِ فَإِنَّهُ يَعْلَمُ السِّرَّ وَأَخْفى} ما معنى قوله {وَأَخْفى} ولا شيء أخفى من السر؟ وجوابنا ان ما يخطر بالقلب ويحدث المرء به النفس أخفى من السر فنبه على عظم شأنه والعلم بذلك ثمّ قال {اللَّهُ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ لَهُ الْأَسْماءُ الْحُسْنى} فنبه بذلك على ما يجب من ذكر أسمائه التي تفيد عظم شأنه على ما قدمه من قوله {تَنْزِيلًا مِمَّنْ خَلَقَ الْأَرْضَ} ولا فائدة في ذكر