تنزيه القرآن عن المطاعن،

القاضي عبدالجبار الهمذاني (المتوفى: 415 هـ)

[مسألة]

صفحة 259 - الجزء 1

سورة الأنبياء

[مسألة]

  وربما قيل في قوله تعالى {قالَ رَبِّي يَعْلَمُ الْقَوْلَ فِي السَّماءِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ بَلْ قالُوا أَضْغاثُ أَحْلامٍ بَلِ افْتَراهُ بَلْ هُوَ شاعِرٌ فَلْيَأْتِنا بِآيَةٍ} ما فائدة تكرار هذه الكلمة وكيف ترتبط بما تقدم ولم يتقدم في الكلام جحد فتليق به هذه الكلمة؟ وجوابنا أنه تعالى قد ذكر عن الكفار الجحود بقوله {لاهِيَةً قُلُوبُهُمْ وَأَسَرُّوا النَّجْوَى الَّذِينَ ظَلَمُوا هَلْ هذا إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ} فبين تعالى بعده أنه عالم بجحودهم ثمّ ذكر {بَلْ قالُوا أَضْغاثُ أَحْلامٍ} فبين اختلاف أقاويلهم وأن فيهم من قال إن الذي يأتينا من المنامات المختلفة وقال بعضهم افتراه وقال بعضهم هو سحر وأنهم تحيروا في أمره فذكر تعالى إنكارهم لنبوته وحقق ذلك بما حكاه عنهم بقوله {بَلْ قالُوا أَضْغاثُ أَحْلامٍ} وبين بقوله {وَما أَرْسَلْنا قَبْلَكَ إِلَّا رِجالًا نُوحِي إِلَيْهِمْ} أنه في إزاحة العلة ببعثه الأنبياء قد بلغ الغاية فلم يبعث من نسب إلى نقص فيكون في بعثته تنفير عن القبول منه.

[مسألة]

  وربما قيل في قوله تعالى {فَسْئَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ} كيف يعرف أنه لم يرسل إلا الرجال فيرجع إلى مسألة أهل الذكر؟ وجوابنا أن أهل الذكر والعلم يعلمون أن بعثة الأنبياء إذا كانت للمصلحة والدعاء إلى الطاعة فلا بد من أن يكون المبعوث لا نقص فيه ولا عيب ينفر عنه وبيّن تعالى بقوله {وَما خَلَقْنَا السَّماءَ وَالْأَرْضَ وَما