تنزيه القرآن عن المطاعن،

القاضي عبدالجبار الهمذاني (المتوفى: 415 هـ)

[مسألة]

صفحة 265 - الجزء 1

[مسألة]

  وربما قيل في قوله تعالى {قالُوا أَ جِئْتَنا بِالْحَقِّ أَمْ أَنْتَ مِنَ اللَّاعِبِينَ قالَ بَلْ رَبُّكُمْ رَبُّ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ الَّذِي فَطَرَهُنَّ وَأَنَا عَلى ذلِكُمْ مِنَ الشَّاهِدِينَ} كيف يكون مجيبا لهم بهذا الكلام وبهذه الشهادة؟ وجوابنا أن قوله {قالَ بَلْ رَبُّكُمْ رَبُّ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ الَّذِي فَطَرَهُنَّ} كاف في بيان جوابهم لان معرفة اللّه تعالى إنما تحصل بأفعاله فلما تم ذلك خصه بقوله تعالى {وَأَنَا عَلى ذلِكُمْ مِنَ الشَّاهِدِينَ} لا أنه جعل الحجة بشهادته بل أورده توكيد للدلالة.

[مسألة]

  وربما قالوا في قوله تعالى {بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هذا} أليس ذلك يدل على أن إبراهيم كذب في هذه الحال وأن الأنبياء لا يجوز عليهم الكذب وأنتم تمنعون من ذلك؟ وجوابنا أنه أورد ذلك على وجه التوبيخ لهم لينبههم على أن الذي تعبده القوم لا يصح منه نفع ولا ضر ولذلك قال بعده {فَسْئَلُوهُمْ إِنْ كانُوا يَنْطِقُونَ} قال {ثُمَّ نُكِسُوا عَلى رُؤُسِهِمْ} ثمّ قال بعده {أَ فَتَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ ما لا يَنْفَعُكُمْ شَيْئاً وَلا يَضُرُّكُمْ أُفٍّ لَكُمْ} وكل ذلك يدل على ما قلناه.

[مسألة]

  وربما تعلق بعض المجبرة بقوله تعالى {وَجَعَلْناهُمْ أَئِمَّةً} وأن ذلك يدل على أنه الخالق للطاعة؟ وجوابنا في ذلك أن المراد جعلهم أنبياء بإظهار المعجزات وذلك من قبله جل وعز وان كانوا لا يتأهلون لذلك إلا بعد تقدم عبادات وطاعات من جهتهم ولذلك قال بعده {وَأَوْحَيْنا إِلَيْهِمْ فِعْلَ الْخَيْراتِ} فأضاف الخيرات إلى فعلهم وقال {وَكانُوا لَنا عابِدِينَ} فمدحهم بإضافة العبادة إليهم.

[مسألة]

  وربما قيل في قوله تعالى {فَفَهَّمْناها سُلَيْمانَ} كيف يصح ذلك مع قوله {وَكُلًّا آتَيْنا حُكْماً وَعِلْماً}؟ وجوابنا أن الذي