تنزيه القرآن عن المطاعن،

القاضي عبدالجبار الهمذاني (المتوفى: 415 هـ)

[مسألة]

صفحة 284 - الجزء 1

  ينكح إلّا زانية لان الزاني هو الواطئ بغير شبهة وبغير نكاح وملك ومن هذا سبيله فهو غير ناكح إلا الزانية ومن يقدر فيها هذا التقدير.

[مسألة]

  وربما قيل في قوله تعالى {إِنَّ الَّذِينَ جاؤُ بِالْإِفْكِ عُصْبَةٌ مِنْكُمْ لا تَحْسَبُوهُ شَرًّا لَكُمْ بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَكُمْ} كيف يصح في افكهم أن يكون خيرا مع قبحه وعظم الاثم فيه؟ وجوابنا أن المراد به خير لهم من حيث نالهم به من الغم ما صبروا عليه وان كان كذبا قبيحا فالمراد هو ما قد ذكرناه ولذلك قال تعالى {لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ مَا اكْتَسَبَ مِنَ الْإِثْمِ} فذمهم وبين أن الذي تولى كبره منهم له عذاب عظيم ومعلوم أن هذا الصنيع منهم كان كالسبب في تعظيم الرسول والمتصلين بعائشة فصار الصبر عليه عظيم الثواب ولذلك يقال الآن فيمن زنى بأهل له أنه إذا صبر فله ثواب وإذا ظلم المرء فلم يخرج إلى المقاتلة على ذلك بل صبر فله ثواب وهذه القصة انما ضمت إلى هذه السورة لتعلقها بالقذف والرمي اللذين بين اللّه تعالى حكمهما في الأجنبي وفي الزوجيات وهي تشتمل على أحكام وأدب يمكن أن يقال إن جميع ذلك من الخيرات فبين تعالى أن من يتولى كبر الشيء أعظم إنما ممّن هو كالتابع وبيّن أن الواجب على من يسمع مثل ذلك أن لا يظن صحته بمن عرف عفته ويؤيده قوله {لَوْ لا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ ظَنَّ الْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِناتُ بِأَنْفُسِهِمْ خَيْراً} وفيه أن الواجب في مثله الاعتماد على الشهادة فإذا انتفت وجب الكف وهو معنى قوله {لَوْ لا جاؤُ عَلَيْهِ بِأَرْبَعَةِ شُهَداءَ} لان المراد هلّا فعلوا ذلك {فَإِذْ لَمْ يَأْتُوا بِالشُّهَداءِ فَأُولئِكَ عِنْدَ اللَّهِ هُمُ الْكاذِبُونَ}.

[مسألة]

  ومتى قيل أليس من لم يأت بالشهود قد يكون صادقا فكيف يصح ما ذكره تعالى؟ وجوابنا أنه وصف قولهم في هذه القصة خاصّة بأنه