[مسألة]
  بمكلف حتى يعذبه وكيف يذكر ذلك في جملة الزجر وكيف يزيد ذلك بأن يأتيه بسلطان مبين وكيف يعرف الهدهد ذلك من مراده حتى يأتيه بخبر سبأ؟
  وجوابنا ان اللّه تعالى كان سخّر له الطير وفي جملتها ما يكون أقرب إلى الفهم ولو كان ممنوعا من النطق ويجوز في تلك الأيام ان يكون تعالى قد زاد في علمها بالهام وأن يكون سليمان قد تقدم من قبل بأمور عرفها الطير أو الهدهد خاصة فلذلك قال {أَوْ لَيَأْتِيَنِّي بِسُلْطانٍ مُبِينٍ} فأما قوله تعالى ø {لَأُعَذِّبَنَّهُ} فالمراد به التأديب فكما يؤدب المرء من قارب البلوغ فكذلك قال للهدهد فأما الذبح فقد يجوز أن يكون جائزا في شريعته كما ثبت في شريعتنا مثله فيما يؤكل فلا مطعن على ذلك بما ذكروه وقوله من بعد في صفة المرأة وأنها تملكهم وانهم يسجدون للشمس من دون اللّه فقد يصحّ وقوع مثله ممن لم يبلغ حد التكليف فلا يصح أن يعترض به على ما ذكرنا وقوله تعالى من بعد {قالَ سَنَنْظُرُ أَ صَدَقْتَ أَمْ كُنْتَ مِنَ الْكاذِبِينَ} يصح في الهدهد وإن كان لا يعرف التوحيد إذا أجرى الكلام على الحد الذي ذكرنا فان مثله يصح من المراهق لأنه يعرف الفصل بين من يظهر التوحيد ويعبد ربه بأفعال وبين من يسجد لغير اللّه تعالى وان لم يكن مكلفا.
[مسألة]
  وربما قيل في قوله تعالى {قالَ الَّذِي عِنْدَهُ عِلْمٌ مِنَ الْكِتابِ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ} كيف يصح نقل عرشها من ذلك الموضع البعيد في هذا القدر من الأوقات وان ذلك معلومة استحالته؟ وجوابنا أن سرعة الحركة والتحريك لا يعلم منتهى حده فلا سريع الا ويجوز أسرع منه فلا يمتنع صحة ذلك إذا كان اللّه تعالى مقويا له عليه ومعنى قبل ان يرتد إليك طرفك المبالغة في الاسراع لان ذلك قد يقال في الامر السريع الشديد السرعة ويحتمل أن طرفه لا يرتد الا بعد أوقات ويكون ذلك كالمعلوم من حاله لأن من نظر إلى جهة ربما أطال النظر إليها ثمّ يرتد طرفه ومعنى قوله من بعد في قصة لوط ﷺ {أَ تَأْتُونَ الْفاحِشَةَ