[مسألة]
  فَإِنْ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لَكَ فَاعْلَمْ أَنَّما يَتَّبِعُونَ أَهْواءَهُمْ} فأما قوله تعالى بعد ذلك {إِنَّكَ لا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ} فالمراد لا تثيبه وليس المراد لا تدله ولا تبين وكيف يصح ذلك وقد قال جل وعز {وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ} أو يقال أنه ظهر منه ﷺ شدة المحبة لإيمان أبي طالب عمه وأن يكون من أهل الجنة فأنزل اللّه تعالى ذلك منبها به على أن الجنة لا تنال إلا بالعمل الصالح ولذلك قال {وَلكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشاءُ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ}.
[مسألة]
  وربما قيل في قوله تعالى {وَرَبُّكَ يَخْلُقُ ما يَشاءُ وَيَخْتارُ ما كانَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ} كيف يصح أن يصف نفسه بأنه يختار ما اختاروه أو يختار ما لم يختاروه وأي فائدة في ذلك؟ وجوابنا أن المراد ما كان لهم الخيرة في ترك عبادة اللّه واتخاذ الأصنام آلهة ولذلك قال بعده {سُبْحانَ اللَّهِ وَتَعالى عَمَّا يُشْرِكُونَ} فبين أنه الخالق لما يشاء وأنه يختار لهم التوبة لأن هذه الآية عقيب قوله {فَأَمَّا مَنْ تابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صالِحاً فَعَسى أَنْ يَكُونَ مِنَ الْمُفْلِحِينَ} فبين أنه تعالى يختار للمكلفين ما هو أصلح وأنه ليس لهم الخيرة فيما يختارونه بإرادتهم وشهوتهم.
[مسألة]
  وربما قيل في قوله تعالى {وَآتَيْناهُ مِنَ الْكُنُوزِ ما إِنَّ مَفاتِحَهُ لَتَنُوأُ بِالْعُصْبَةِ أُولِي الْقُوَّةِ} كيف يصح أن يبلغ في الغنى هذا الحد ومثل ذلك متعذر في العادة؟ وجوابنا أن العصبة قد يقل عددها ويكثر فلا يمتنع أن يكون اللّه تعالى قد آتاه من الأموال ما فرقه في الظروف الكثيرة وبلغت مفاتيح غلقها ما ذكره اللّه تعالى ولسنا نعلم أن الغلق في ذلك الزمان كيف كان فإنه قد يعظم فتعظم لذلك مفاتيحه وقد يصغر ومعلوم أن كثيرا من الملوك يجتمع في خزانته مثل ذلك وأكثر فلا حاجة لاستبعاد ذلك وقوله تعالى {إِذْ قالَ لَهُ قَوْمُهُ لا تَفْرَحْ} لا بد من حذف في الكلام وهو لا تفرح بما حصل فرح من يظن أنه يدوم ويبقى وقوله {وَابْتَغِ فِيما آتاكَ