تنزيه القرآن عن المطاعن،

القاضي عبدالجبار الهمذاني (المتوفى: 415 هـ)

[مسألة]

صفحة 335 - الجزء 1

  عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ} أليس ذلك يدل على أنه تعالى يفعل فيهم الصرف عن المعاصي؟ وجوابنا ان المراد بهذا انه تعالى يلطف لهم زيادات الالطاف فلا يختارون الا الطاعة فهذا معنى الاذهاب بالرجس ولذلك قال بعده {وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً}.

[مسألة]

  وربما قيل ما معنى قوله في قصة زيد {وَتَخْشَى النَّاسَ وَاللَّهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشاهُ}. وجوابنا أنه تعالى أحب فيما أراده من تزوج النبي بامرأة زيد ان يكون مظهرا لذلك لأنه من باب ما قد أحله اللّه تعالى له وأن لا يكون في قلبه من الناس ما يتكلف لأجله ابطان ذلك ولذلك قال {فَلَمَّا قَضى زَيْدٌ مِنْها وَطَراً زَوَّجْناكَها} وقوله تعالى {إِنَّا أَحْلَلْنا لَكَ أَزْواجَكَ} مع أنه مقدم في الانزال على قوله تعالى {لا يَحِلُّ لَكَ النِّساءُ مِنْ بَعْدُ} وهي التاسعة لان المعتبر في الناسخ أن يكون متأخرا في التعريف والانزال لا في التلاوة وقوله تعالى {وَامْرَأَةً مُؤْمِنَةً إِنْ وَهَبَتْ نَفْسَها لِلنَّبِيِّ} فيها اختلاف فبعض المفسرين يزعم أن ذلك مقدار ثابت بيّن به تعالى أنه يحل له التزوج فلا يدل على أنه مخصوص بذلك كما خص بإباحة الزيادة على أربع ومنهم من يثبت الموهبة ولذلك قال تعالى {خالِصَةً لَكَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ}.

[مسألة]

  ومتى قيل في قوله تعالى {إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ} بعبارة واحدة ذلك عندكم ممنوع منه وكيف يصح الصلاة من اللّه تعالى ومن الملائكة على الرسول؟ فجوابنا أن قوله تعالى {يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ} يرجع إلى الملائكة فقط لأنه تعالى يعظم أن يذكر مع غيره ولكنه يعقل بذلك أنه جل وعز أيضا يصلي على الرسول وصلاته جل وعز معناها الرحمة العظيمة والانعام الجسم وصلاة الملائكة الدعاء وقد قال تعالى قبل ذلك {هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَمَلائِكَتُهُ} وذكر ذلك في عباده والمراد أنه يرحمكم بالهداية لتصلوا إلى الثواب وقوله تعالى {يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا