تنزيه القرآن عن المطاعن،

القاضي عبدالجبار الهمذاني (المتوفى: 415 هـ)

[مسألة]

صفحة 34 - الجزء 1

  الاجتهاد إذ يراد به في الظلمة إذا عميت القبلة أو في النافلة في السفر أو في المسايفة وذلك مذكور في الكتب.

[مسألة]

  وسألوا عن قوله تعالى {وَقالُوا اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَداً سُبْحانَهُ بَلْ لَهُ ما فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ كُلٌّ لَهُ قانِتُونَ} فقالوا كيف يكون ما ذكره آخرا مبطلا لما قالوا. فجوابنا انه بين ان من يخلق هذه الأمور ويعمل عليها لا يكون الا قديما مخالفا لمن تصح عليه الولادة ولذلك اتبعه بقوله {بَدِيعُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَإِذا قَضى أَمْراً فَإِنَّما يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ} فبين تعالى بكل ذلك أنه مخالف للأجسام التي تصح عليها الولادة وقالوا إن قوله إذا قضى أمرا فإنما يقول له كن فيكون يدل على أن كل ما يفعله يفعله بهذا القول وان ذلك يوجب ان قوله وكلامه ليس بمحدث لأنه لو كان محدثا لكان يحدثه بقول آخر ويؤدي إلى ما لا نهاية له فجوابنا ان ما قالوه متناقض لأن الظاهر يقتضي أنه يقول له كن وهذه اللفظة مشتملة على حرفين أحدهما يتقدمه الآخر والآخر يتأخر عنه على اتصال بينهما وما هذا حاله لا يكون الا محدثا فلا يصح إذا ما قالوا ولان قوله {فَإِنَّما يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ} يقتضى انه يقول ذلك مستقبلا وذلك علامة الحدوث ولأنه عطف المكوّن على القول بحرف الفاء ومن حقه ان يكون عقيبا له وما كان المحدث عقيبه لا يكون الا محدثا وعندنا ان المراد بذلك انه إذا قضى أمرا يكوّنه ويفعله من غير منع وذكر هذا القول على وجه التوسع ومثل ذلك في اللغة كما قال الشاعر: امتلأ الحوض وقال قطني. والحوض لا يقول ولكن المراد انه إذا امتلأ فحسبه من الماء وأراد تعالى بذلك ان الأشياء لا تتعذر عليه كما تتعذر على سائر القادرين وقوله تعالى عقيب ذلك {وَقالَ الَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ لَوْ لا يُكَلِّمُنَا اللَّهُ أَوْ تَأْتِينا آيَةٌ} ومعناه هلا يكلمنا اللّه يدل على أنه تعالى يفعل الكلام في المستقبل فكيف يجوز ان يكون قديما وقوله تعالى {إِنَّا أَرْسَلْناكَ بِالْحَقِّ بَشِيراً وَنَذِيراً} والمراد بشيرا لمن أطاع ونذيرا لمن عصى وهو ترغيب في الطاعة