تنزيه القرآن عن المطاعن،

القاضي عبدالجبار الهمذاني (المتوفى: 415 هـ)

[مسألة]

صفحة 380 - الجزء 1

[مسألة]

  وربما قيل في قوله تعالى {وَلَوْ نَشاءُ لَجَعَلْنا مِنْكُمْ مَلائِكَةً فِي الْأَرْضِ يَخْلُفُونَ} كيف يصح أن يجعل من الناس ملائكة؟ وجوابنا أن المراد بقوله {مِنْكُمْ} ليس ما ذكرته بل المراد ان ينزل الملائكة بحيث يرون في جملتهم فيكونون منهم بين اللّه تعالى بذلك أن عيسى وأن فارق حاله في كونه لا من أب حالهم فليس ذلك ببعيد عند اللّه تعالى كما لا يبعد أن يجعل مع الناس ملائكة واللّه تعالى أنشأهم بلا ولادة.

[مسألة]

  وربما قيل في قوله تعالى {وَإِنَّهُ لَعِلْمٌ لِلسَّاعَةِ فَلا تَمْتَرُنَّ بِها} ما المراد بذلك؟ وجوابنا أنه قد ظهر في الأخبار نزول عيسى # عند الساعة وأن اللّه تعالى جعله دلالة للساعة فلذلك قال تعالى {فَلا تَمْتَرُنَّ بِها} لأن العلم والدلالة تمنعان من المرية وقوله تعالى من بعد {الْأَخِلَّاءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلَّا الْمُتَّقِينَ} يدل على أنهم في الآخرة بخلاف ما هم في الدنيا ففي الدنيا يحبّ بعضهم بعضا وفي الآخرة يغلّظ اللّه قلب بعضهم على بعض ويكون ذلك زائدا في غمومهم وقوله تعالى من بعد {يا عِبادِ لا خَوْفٌ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ وَلا أَنْتُمْ تَحْزَنُونَ} يدل على أن المتقين لا تلحقهم أهوال الآخرة وتعلق بعضهم في أن اللّه تعالى يرى لجهله بقوله تعالى {وَفِيها ما تَشْتَهِيهِ الْأَنْفُسُ وَتَلَذُّ الْأَعْيُنُ} وزعم أن من أعظم لذات العين رؤية اللّه تعالى وهذا جهل عظيم لأن الواجب ان يثبت أولا أنه يرى ثمّ يقول ذلك كما لو قال قائل إنه داخل تحت قوله تعالى {وَفِيها ما تَشْتَهِيهِ الْأَنْفُسُ} بالمعانقة والملامسة لكان إنما يبطل بأن يقال يجب ان تثبت أولا أنه جسم يصح ذلك عليه ثمّ تقول هذا القول وقوله تعالى من بعد {إِنَّ الْمُجْرِمِينَ فِي عَذابِ جَهَنَّمَ خالِدُونَ} يدل على أن غير الكفار من المجرمين هذا وصفهم.

[مسألة]

  وربما قيل في قوله تعالى {أَمْ يَحْسَبُونَ أَنَّا لا نَسْمَعُ سِرَّهُمْ وَنَجْواهُمْ بَلى وَرُسُلُنا لَدَيْهِمْ يَكْتُبُونَ} كيف يصح