تنزيه القرآن عن المطاعن،

القاضي عبدالجبار الهمذاني (المتوفى: 415 هـ)

[مسألة]

صفحة 409 - الجزء 1

سورة الرحمن

[مسألة]

  وربما قيل في قوله تعالى {الرَّحْمنُ عَلَّمَ الْقُرْآنَ خَلَقَ الْإِنْسانَ عَلَّمَهُ الْبَيانَ} أن ذلك يدل على أن علمه بالقرآن والبيان من فعل اللّه تعالى وذلك ممّا لا نخالف فيه وانما القول في العلم باللّه وتوحيده وعدله وأنه اكتساب من العبد.

[مسألة]

  وربما قيل في قوله تعالى {وَوَضَعَ الْمِيزانَ أَلَّا تَطْغَوْا فِي الْمِيزانِ} ان ذلك تكرارا لا معنى له. وجوابنا ان وضع الميزان المراد به ما تستقيم به المعاملات من الموازين وقوله تعالى {أَلَّا تَطْغَوْا فِي الْمِيزانِ} المراد به كيفية استعماله في المعاملات فأحد الأمرين مخالف للآخر.

[مسألة]

  وربما قيل إنه تعالى ذكر في أول السورة أنّه {خَلَقَ الْإِنْسانَ عَلَّمَهُ الْبَيانَ} فكيف قال من بعد {فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ}. وجوابنا انه بعد ذلك ذكر مع الانس الجن فقال {خَلَقَ الْإِنْسانَ مِنْ صَلْصالٍ كَالْفَخَّارِ وَخَلَقَ الْجَانَّ مِنْ مارِجٍ مِنْ نارٍ} ثمّ عطف على ذلك بقوله تعالى {فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ} لأنه كلف تعالى في الأرض الانس والجن وإنما كرّر تعالى في هذه الآيات الكثيرة {فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ} لأنه ذكر نعمة بعد