[مسألة]
سورة القيامة
[مسألة]
  وربما قيل في قوله تعالى {وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ ناضِرَةٌ إِلى رَبِّها ناظِرَةٌ} أنه أقوى دليل على أن اللّه تعالى يرى في الآخرة؟ وجوابنا أن من تعلق بذلك إن كان ممن يقول بأن اللّه تعالى جسم فإنا لا ننازعه في أنه يرى بل في أنه يصافح ويعانق ويلمس تعالى اللّه عن ذلك وانما نكلمه في أنه ليس بجسم وان كان ممن ينفي التشبيه على اللّه فلا بد من أن يعترف بأن النظر إلى اللّه تعالى لا يصح لان النظر هو تقليب العين الصحيحة نحو الشيء طلبا لرؤيته وذلك لا يصح إلا في الأجسام فيجب أن يتأوّل على ما يصح النظر اليه وهو الثواب كقوله تعالى {وَسْئَلِ الْقَرْيَةَ} فإنا تأولناه على أهل القرية لصحة المسألة منهم وبين ذلك ان اللّه ذكر ذلك ترغيبا في الثواب كما ذكر قوله {وَوُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ باسِرَةٌ تَظُنُّ أَنْ يُفْعَلَ بِها فاقِرَةٌ} زجرا عن العقاب فيجب حمله على ما ذكرناه وقوله من قبل {بَلِ الْإِنْسانُ عَلى نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ وَلَوْ أَلْقى مَعاذِيرَهُ} يدل على أنه لا عذر للعبد إذا هو عصى ربه ولو كان الكفر مخلوقا فيه لكان له أوكد العذر على ما قدمنا من قبل؟ وقوله تعالى من بعد {ثُمَّ كانَ عَلَقَةً فَخَلَقَ فَسَوَّى فَجَعَلَ مِنْهُ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَالْأُنْثى أَ لَيْسَ ذلِكَ بِقادِرٍ عَلى أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتى} هو الذي يورده العلماء على جواز الإعادة وصحتها فإنه تعالى إذا قدر على الاحياء أولا على هذا الحد الذي نجد الاحياء عليه فيجب ان يقدر على إعادة ذلك.