تنزيه القرآن عن المطاعن،

القاضي عبدالجبار الهمذاني (المتوفى: 415 هـ)

[مسألة]

صفحة 46 - الجزء 1

  [مسألة] وسألوا عن معنى قوله {لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِنْ نِسائِهِمْ تَرَبُّصُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ} فقالوا كيف جعل له أن يقصر في حقها لمكان اليمين.

  وجوابنا انه تعالى منع من ذلك بقوله {فَإِنْ فاؤُ} فان المراد فان فاءوا فيها وخالفوا ما اقتضاه يمينهم فان اللّه غفور رحيم فمنع الزوج من أن يفعل ما يقتضيه يمينه فالأمر بالضد مما سألوا عنه والمراد يقوله فان فاءوا العود إلى خلاف ما منع نفسه منه باليمين وأباح له مع ذلك الطلاق إذا أراد بشرط أن لا يقصد إلى مضارتها لمكان اليمين ثمّ بين انه ان طلق فعلى المطلقة العدة وبين تلك العدة فبين ان في حال العدة لبعولتهن الرجعة ان أرادوا بذلك. وبين ان بعد الرجعة لهن حق كما أن عليهن حقا فبين كيف يطلق المرأة وكيف يخالع امرأته عند المضارة فبين في الطلاق الثلاث انها تحرم الا بعد زوج وان ذلك مخالف للطلقة والطلقتين.

  فبين تعالى ما فيه الرجعة مما لا رجعة فيه. وبين ان هذه الحدود متى لم يتمسك المرء بها عظم اثمه ثمّ بين في هذه الآيات ما يلزمه من أدب الدين في أحكام الزوجات وأحكام الرضاع وأحكام العدة وغيرها إلى قوله {حافِظُوا عَلَى الصَّلَواتِ وَالصَّلاةِ الْوُسْطى} فاكد وجوب المحافظة على هذه الوسطى ولم يبينها فربما يكون ترك بيانها أصلح كما نقول في ليله القدر لأنها إذا لم تبين مفصلة يكون المرء أقرب إلى ما يلزم في حق عبادته وان كان العلماء قد اختلفوا في ذلك فذكروا الصبح والظهر والعصر وذكروا المغرب والذي يقوي في الخبر هو العصر.

[مسألة]

  وقالوا كيف يقول {وَقُومُوا لِلَّهِ قانِتِينَ} ثمّ يقول {فَإِنْ خِفْتُمْ فَرِجالًا أَوْ رُكْباناً}. وجوابنا أنه فصل تعالى بين حال الأمن وبين حال الخوف الشديد لكن يتمسك المرء بالمحافظة وان لم يتمكن من القيام والتوجه في سائر الأركان كما يجب فقد روي في الخبر ان المراد بقوله {فَرِجالًا أَوْ رُكْباناً} مستقبلي القبلة وغير مستقبليها إذا كان حال